الرجال ، كما أنّ خطأ الطوائف المعدودة من المسلمين لا يقدح في أصل الدين المأخوذ من سيّد المرسلين ، ومن نسب مثل هذا إلى مطلق متأخّري الإماميّة ، كشارح المواقف ومن تبعه ـ حيث قال : إنّ الإماميّة كانت أوّلاً على مذهب أئمّتهم عليهمالسلام ، حتّى تمادى بهم الزمان واختلفوا في الروايات عن أئمّتهم ، فاختلفوا وتشعّب متأخّروهم (١) ـ فقد أخطأ في تلك النسبة وتوهّم ، إذ لا شكّ في عدم صدور مثل ما ذكرناه من الاستدلال إلاّ عن بعضهم .
وعلى هذا ، غاية ما يلزم من هذا على الإماميّة أنّ فيهم من ضلّ عن طريقتهم ، وأخطأ في أدلّتهم ، وصار من أهل الخلاف عليهم والاختلاف عنهم ، بحيث صار سبب توهّم وجود الاختلاف فيهم .
وهذا ممّا لا ينكروه ولا يضرهّم ، كما قال اللّه عزوجل : ( عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُم مَّن ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ ) (٢) ولهذا لم يعتمد على كلام هؤلاء ، ولم يعبأ بكتبهم وتصانيفهم من عرف حالهم واطّلع على منشأ مقالهم من محقّقي المحدّثين الذين تمسّكوا في جميع مسائل الدين بما ورد عن الأئمّة المعصومين صلوات اللّه عليهم أجمعين .
على أنّ الذي يظهر من كلام بعض هؤلاء ، بل غيرهم أيضاً ، كما أومأ إليه الشيخ أبو جعفر الطوسي رحمهالله في مبسوطه (٣) ، وذكره العلاّمة الحلّي في بعض فوائده : أنّ ارتكاب الذين ارتكبوا ما ذكرناه آنفاً ليس محض ما مرّ ،
__________________
(١) شرح المواقف ٨ : ٣٩٢ .
(٢) سورة المائدة ٥ : ١٠٥ .
(٣) انظر : المبسوط ١ : ١ ـ ٢ .