الوجوه المذكورة ، أو المعاني المستفادة على بعض بسبب العذر الذي بيّنّاه ، لا يقاس بذلك الاختلاف الآرائي الذي بين غيرهم ، بل الحقّ أنّ هذا لا ينبغي أن يُعدّ اختلافاً ، كما بيّنّا وجهه سابقاً .
نعم ، شواذّ من المتأخّرين عن أزمنة الأئمّة وأرباب النصوص من الإماميّة ، حيث إنّهم ابتلوا من بدو تحصيلهم بمعاشرة مخالفيهم ومخالطتهم وممارسة كتبهم ومذاكرتهم اكتسبوا نبذاً من روائج طريقتهم ، فزعموا صحّة بعض ما هو من نتائج قواعدهم (ومع هذا لم يجدوا جمّة (١) من الروايات التي كانت متداولة في زمان أرباب النصوص على حالها في الكثرة والاعتبار بسبب ضياع بعض الكتب ، وعدم بقاء الاطمئنان في بعضها بكونها هي تلك الكتب المعتبرة في تلك الأعصار ؛ لما هو كالشمس في رابعة النهار من كثرة ورود الأذيّة على الإماميّة والإضرار ، بحيث لم يمكنهم الاجتماع مدّة ، بل ولا ما سوى كمال الاختفاء من خوف الأشرار ، فبنى هؤلاء وهماً (٢) منهم أن يستدلّوا أحياناً بما هو من ذلك القبيل غفلةً عن عدم كون ذلك من أفراد حقّ الدليل على مذهب الإماميّة ، المأخوذ من الأئمّة الهداة عليهمالسلام إلى خير السبيل ، فتورّطوا (٣) بذلك مثل اُولئك حتّى وقعوا معهم في مهوى الخطأ والاختلاف والتضليل .
لكن هذا ممّا لا يقدح في أصل مذهب الإماميّة وطريقتهم المأخوذة عن الأئمّة عليهمالسلام ، بل إنّ القدح إنّما هو في مثل هذا المقال الصادر من هؤلاء
__________________
(١) في «م» : «حجّة» ، بدل «جمّة» .
(٢) في « م » : «خوفاً» ، بدل «وهماً» .
(٣) في «ش» : «فتوحّلوا» بدل «فتورّطوا» .