على الفضل ، والآخَر على الرخصة أو على تقييد أحدهما بالآخَر ، أو على معنى يجتمع مع الآخَر ، أو نحو ذلك ممّا يعلمه الماهر في فهم الحديث .
لكن هذا أيضاً بشرط ظهور ذلك الحمل ، بل مع التأييد بدلالة حديثٍ ثالثٍ عليه ، كما كان كذلك دأب أكثر قدماء المحدّثين من الإماميّة ، كالكليني والطوسي (١) وغيرهما ، فإنّ هذا الخبر الثالث في الحقيقة قول من يخبر عمّا في الأوّلين ، فيدخل تحت ما مرّ (٢) من قوله عليهالسلام : « يُرجئه حتّى يلقى من يُخبره » .
ثمّ إن لم يمكن اختيار العمل بأحد الوجوه المذكورة وأمكن التوقّف والإرجاء ، أو العمل بما فيه الاحتياط ، كما مرّ في الأحاديث السابقة ، وإلاّ فيختار العمل بأحدهما من باب التسليم ووسعه . هذا ، كما هو نصّ الحديث .
وظاهر أنّ بناءً على هذا ، إن حصل بعض اختلاف من اختيار بعض
__________________
(١) هو محمّد بن الحسن بن عليّ بن الحسن الطوسي ، يكنّى أبا جعفر ، المعروف بـ : شيخ الطائفة ، والشهير بالشيخ الطوسي فقيه الشيعة ، كان تلميذ الشيخ المفيد ، وعارفاً بالأخبار والتفسير والرجال والفقه والاُصول والكلام والأدب ، هاجر إلى العراق ، وهو ابن ثلاثة وعشرين عاماً فهبط بغداد ، وكانت داره في الكرخ مأوى الناس ، وبلغت عدّة تلاميذه ٣٠٠ من مجتهدي الشيعة ، واُحرقت كتبه عدّة مرّات بمحضر الناس في رحبة القصر ، وله كتب كثيرة منها : تفسير التبيان ، وتهذيب الأحكام ، والمبسوط وغيرها .
ولد سنة ٣٨٥ هـ في طوس ، وتوفّي سنة ٤٦٠ هـ ، وقبره في النجف .
انظر : تنقيح المقال ٣ : ١٠٤ / ١٠٥٦٣ من أبواب الميم ، أعيان الشيعة ٩ : ١٥٩ ، الرجال لابن داوُد : ١٦٩ / ١٣٥٥ ، سير أعلام النبلاء ١٨ : ٣٣٤ / ١٥٥ ، طبقات المفسّرين للداودي ٢ : ١٣٠ / ٤٧٦ ، الأعلام ٦ : ٨٤ .
(٢) في ص ٣٧٠ .