فيُخبرهم أنّه جاء من عند اللّه ، وأنّه يدعوهم إلى اللّه بأمر اللّه ويقول : ( لَّا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ ) ( وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا ) و( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ) ثمّ يقول : أنا رأيته بعيني ، وأحطتُ به وهو على صورة البشر ؟ أما تستحيون ؟ ما قدرت الزنادقة أن ترميه بهذا أن يكون يأتي من عند اللّه بشيء ، ثمّ يأتي بخلافه من وجه آخَر ! ! » .
قال أبو قرّة : فإنّه يقول : ( وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَىٰ ) (١) ، فقال أبو الحسن عليهالسلام : « إنّ بعد هذه الآية ما يدلّ على ما رأى ، حيث قال : ( مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَىٰ ) (٢) ، أي : ما كذب فؤاد محمّد صلىاللهعليهوآله ما رأت عيناه ، ثمّ أخبر بما رأى فقال : ( لَقَدْ رَأَىٰ مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَىٰ ) (٣) فآيات اللّه غير اللّه ، وقد قال اللّه : ( وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا ) (٤) فإذا رأته الأبصار فقد أحاطت به علم ووقعت المعرفة » ، فقال أبو قرّة : فتُكذّب بالروايات ؟ فقال أبو الحسن عليهالسلام : « إذا كانت الروايات مخالفةً للقرآن كذّبتها » (٥) ، الخبر.
ودلالته على المطلوب ، مع الدلالة أيضاً على كثرة توهّمهم في فهم الآيات ، والاعتماد على الموضوعات ، وإنّ علم الكتاب وتأويل المتشابهات فإنّما هو عند هؤلاء الأئمّة السادات صلوات اللّه عليهم ، وإنّهم أعلم بما هو حقّ المراد في كلّ موضع من مواقع استعمال الكلمات ، فمن الواضحات ؛
__________________
(١) سورة النجم ٥٣ : ١٣ .
(٢) سورة النجم ٥٣ : ١١ .
(٣) سورة النجم ٥٣ : ١٨ .
(٤) سورة طه ٢٠ : ١١٠ .
(٥) الكافي ١ : ٧٤ / ٢ (باب في إبطال الرؤية) ، التوحيد : ١١٠ / ٩ ، شرح اُصول الكافي للمازندراني ٣ : ٢١٥ ، الفصول المهمّة ١ : ١٧٨ ـ ١٧٩ / ١٢٣ .