ولنختم هذا بذكر خبر مشتمل صريحاً على كون مدار المخالفين في ترويج باطلهم حتّى في المعرفة على التمسّك بالمتشابهات وتأويل المحكمات :
قال صفوان بن يحيى (١) : سألني أبو قرّة (٢) : المحدّث ـ وهو من علماء المخالفين ـ أن اُدخله على أبي الحسن الرضا عليهالسلام ، فاستأذنته في ذلك فأذن لي ، فدخل عليه فسأله عن الحلال والحرام والأحكام حتّى بلغ سؤاله إلى التوحيد ، فقال أبو قرّة : إنّا رُوينا أنّ اللّه قسّم الرؤية والكلام بين نبيَّيْن ، فقسّم الكلام لموسى عليهالسلام ، ولمحمّد صلىاللهعليهوآله الرؤية ، فقال أبو الحسن الرضا عليهالسلام : « فمن المبلّغ عن اللّه إلى الجنّ والإنس ( لَّا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ ) (٣) ، ( وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا ) (٤) و( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ) (٥) ، أليس محمّد صلىاللهعليهوآله قال : بلى ؟» قال : «كيف يجيء رجل إلى الخلق جميعاً
__________________
(١) هو صفوان بن يحيى بيّاع السابري ، يكنّى أبا محمّد البجليّ ، ثقة بالاتّفاق ، من أصحاب الكاظم والرضا والجواد صلوات اللّه عليهم أجمعين ، وهو أوثق أهل زمانه عند أصحاب الحديث وأعبدهم ، ومن أصحاب الإجماع ، وهناك روايات كثيرة تدلّ على مدحه وجلالة قدره ، له كتب منها : كتاب الشراء والبيع ، والفرائض ، والوصايا وغيرها ، توفّي سنة ٢١٠ هـ .
انظر: الفهرست للطوسي: ١٤٥ / ٣٥٦، تنقيح المقال ٢ : ١٠٠ / ٥٧٨٠ من أبواب الصاد.
(٢) لم نعثر على ترجمة له ، ولعلّه هو صاحب شبرمة ، وكلاهما (أبو قرّة وشبرمة) مجهولان ، وسمّي المحدّث ؛ تمييزاً له عن أبي قرّة صاحب الجاثليق النصراني الذي كان يُسمّى بـ «يوحنا» . ويحتمل أن يكون موسى بن طارق القاضي المكنّى بأبي قرّة ؛ إذ هو معاصر للرضا عليهالسلام ، ذكره ابن حجر في التقريب انظر تقريب التهذيب ٢ : ٢٨٤ / ١٤٧١ ، وانظر شرح اُصول الكافي للمازندراني ٣ : ٢١٦ .
(٣) سورة الأنعام ٦ : ١٠٣ .
(٤) سورة طه ٢٠ : ١١٠ .
(٥) سورة الشورى ٤٢ : ١١ .