قال الرضا عليهالسلام لبعض أصحابه : « ما تقول إذا قيل لك : أخبرني عن اللّه عزوجل أشيء هو أم لا شيء ؟» قال : فقلت له : قد أثبت عزوجل نفسه شيئاً حيث يقول : ( قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً قُلِ اللَّهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ ) (١) فأقول : إنّه شيء لا كالأشياء ؛ إذ في نفي الأشياء إبطاله ونفيه ، فقال لي : « صدقت وأصبت » ، ثمّ قال الرضا عليهالسلام : « للناس في التوحيد ثلاثة مذاهب : نفي ، وتشبيه ، وإثبات بغير تشبيه ، فمذهب النفي لا يجوز ، ومذهب التشبيه لا يجوز ؛ لأنّ اللّه لا يشبهه شيء ، والسبيل في الطريقة الثالثة إثبات بلا تشبيه » (٢) .
أقول : إلاّ أنّ مبنى كلام (٣) الجمهور على التشبيه كما مرّ ، بل الحقّ أنّ مدار معرفة عامّة الجّهّال على هذا ، بل ربّما يقال : لا ضلالة حتّى في غير معرفة اللّه أيضاً إلاّ وفيها مدخليّة نوع تشبيه ، كأنواع القياسات ونحوها ؛ ولهذا مهما تأمّل صاحب البصيرة وجد مناط كلام الأئمّة عليهمالسلام ، لا سيّما في باب المعرفة على التنزيه من التشبيه ، كما هو واضح ممّا ذكرناه من أخبارهم فضلاً عن غيرها ، حتّى في رواية أنّ الصادق عليهالسلام قال : « سبحان اللّه الذي لم يلد (٤) لأنّ الوليد يشبه أباه ، ولم يولد فيشبه من كان قبله ، ولم يكن معه من خلقه كفواً أحد ، تعالى عن صفة من سواه علوّاً كبيراً » (٥) .
__________________
(١) سورة الأنعام ٦ : ١٩ .
(٢) التوحيد : ١٠٧ / ٨ ، بحار الأنوار ٣ : ٢٦٢ ـ ٢٦٣ / ١٩ ، نور البراهين ١ : ٢٧٠ / ٨ .
(٣) كلمة «كلام» لم ترد في « م » و« ش » .
(٤) في « م » زيادة : «ولم يولد» .
(٥) التوحيد : ١٠٣ / ١٩ ، بحار الأنوار ٣ : ٣٠٤ / ٤٢ ، نور البراهين ١ : ٢٦٤ ـ ٢٦٥ / ١٩ .