بالحلول والاتّحاد ولو مع بعض الآحاد (١) ، وبعضهم بالرؤية عياناً ولو أحياناً (٢) ، بل القول بالرؤية بالأبصار عندهم ـ كما مرّ ـ في غاية الاشتهار ، وبعضهم نفى عنه بعض أقسام العلم ، كمن قال بعدم علمه بالجزئيّات أو عدم علمه بغير ذاته أو بذاته أو عدم علمه بالشيء قبل وجوده (٣) ، حتّى أنّ بعضهم نفى عنه بعض أقسام القدرة (٤) أيضاً ، وأمثال ذلك من الأقوال الناشئة من التشبيه عندهم كثيرة .
وكذا إنّ فيهم من أراد أن ينفي عنه التشبيه فأفرط ، بحيث وقع في القول بتعطيله من جهات ، حتّى نفى عنه الوجود والتشبيه فضلاً عن العلم والقدرة وغيرهما ؛ استناداً إلى أنّه لو كان شيئاً ـ مثلاً ـ شارك الأشياء في مفهوم الشيئيّة ، وهلمّ جرّاً ، ولم يعلم أنّ ذلك مستلزم لنفي ذاته ، وأنّ الفرق واضح بين مفهوم الأمر وما صدق عليه ، والمفهومات الاعتباريّة ، والحقائق الموجودة ؛ ضرورة أنّ مفهوم الشيء ، والموجود ، والمخبر عنه وأمثالها مفهومات عامّة لا يخرج منها شيء من الأشياء لا ذهناً ولا خارجاً ، ومعان اعتباريّة يعتبرها العقل لكلّ شيء أيضاً ، فذات الواجب وإن لم يكن معقولاً لغيره ولا محدوداً بحدٍّ ولا مشتركاً مع غيره في حدّ ذاته إلاّ أنّه ممّا يصدق عليه مفهوم شيء وأمثاله .
__________________
(١) مقالات الإسلاميّين : ٢١٤ ، الملل والنحل للشهرستاني ١ : ١٠٧ ـ ١٠٨ .
(٢) انظر : مقالات الإسلاميّين : ٢١٣ ـ ٢١٤ ، والملل والنحل للشهرستاني ١ : ١٠٥ ، والتمهيد لقواعد التوحيد لأبي الثناء الحنفي الماتريدي : ٧٩ ـ ٨٠ .
(٣) الملل والنحل ١ : ٨٧ .
(٤) انظر : اللوامع الإلهية : ١٧٦ ، الفصل في الملل والأهواء والنحل ١ : ٣٨٤ ، شرح المواقف ٨ : ٧٤ ، شرح المقاصد ٤ : ١٢١ .