وليس ذلك كذلك واقعاً .
وقد قال الصادق عليهالسلام : « ومنهم من يسمع الكلام منّي فلم يخرج من عندي حتّى يأوّله على غير تأويله » (١) .
وإذ قد عرفت هذا كلّه فاعلم أنّ أكثر علماء الإماميّة ، لا سيّما المشهورين منهم المعتبرين ، كانوا دائماً محسودين ، حتّى من بعض أمثالهم وأقرانهم من إخوانهم المؤمنين ، فمن كان من الحُسّاد عليهم غير متديّن جرى على الفرية وغيرها ، فظاهر ـ كما ذكرنا ـ أنّ مثله ما هو مقصّر في الإزراء عليهم ، ونسبة النقائص إليهم ولو بالكذب والافتراء ، حتّى أنّ كلّ من تتبّع التواريخ بنظر الاعتبار ، وكذا كتب الرجال ـ التي ذُكر فيها أحوال علماء الأعصار ـ وجد صحّة ما ذكرناه ، بل تحقّقه كراراً ومراراً ، بحيث لا يمكن فيه الإنكار ، بل يستفاد منها أيضاً أنّ من كان منهم كاملاً في الشيطنة والنكراء لم يكن يتكلّم أيضاً إلاّ بوضع اغترّ به كلّ سامع له ، بحيث جزم بصدق ذلك الافتراء ، لا سيّما الذي كان مخالفاً لهم في دينهم راغباً في تشيينهم ، وأمّا من لم يكن بتلك المثابة من الجرأة ، فهو وإن تجنّب عن مثل التهم والفرية إلاّ أنّه بعلّة ما في قلبه على صاحبه لم يزل في قبول كلّ ما سمع عنه وقيل فيه ، وذكر نسبته إليه ولو سمعاً من أعاديه .
ولأجل هذه الوجوه كلّها اشتهر عن جمع من علماء الدين ، لاسيّما بين المخالفين من الأقوال والعقائد ما ينادي صريح كلامهم بكونهم منها بريئين .
__________________
(١) انظر : رجال الكشّي : ٢١٨ / ٢١٦ ، و٢٤٦ / ٢٨٧ ، وبحار الأنوار ٢ : ٢٤٦ / ٥٨ ، و٣٠٩ / ٧٣ .