كالهشامَين ـ مثلاً ـ من القول بالجسم والصورة ونحو ذلك ، فإنّما هو إمّا تهمة عليهم ، وإمّا أنّه كان قولهم قبل استبصارهم ودخولهم في مذهب الإماميّة ، ولا بأس أن بيّنّا هاهنا تفصيل ما هو حقيقة الحال في أمثال هذا المقال ، حتّى يظهر شأن ما سيأتي أيضاً من سائر ما نسب الناس إلى بعض الإماميّة من فاسدات الأقوال .
فاعلم أوّلاً أنّ أيّ شخص كان لا يخلو من حاسد يعين على شيوع ما ينقصه ويشينه في كلّ أوان ولو كان ذلك كذباً عليه وفرية ، وعلى وجه العدوان ، بل ربّما يتعمّد هو نفسه بالتهمة عليه ، ونقل السوء عنه صريحاً لا سيّما إذا كان مخالفاً له في المذهب أيضاً ، فإنّه حينئذٍ لا يتأنّى أصلاً عن قبول السوء فيه ، وتشهير نسبته إليه ولو من غير تحقيق ولا تفتيش مطلقاً ، بل ومع وجود قرائن الكذب أيضاً ؛ إذ لا عداوة كعداوة الدين .
وأيضاً كثيراً ما يتّفق أن يعتقد الإنسان بشيء باطل وقتاً من الأوقات ، ثمّ ينتقل عنه إلى الحقّ إلى حين الممات ، حتّى أنّه بنفسه أو غيره عنه قد ينقل ما ينادي بتغييره عمّا كان عليه من الفاسدات ، ومع هذا لا يعدل الجاهل بالحال ، أو الحُسّاد والأعادي الذين يريدون سوء الحال عن نسبته عمّا كان عليه أوّلاً من المقال .
ثمّ اعلم أيضاً أنّ في الناس من لا يفهم حقّ المراد من كلام الناس لا سيّما الوارد من العلماء الأعلام ، خصوصاً عند إجمالٍ في الكلام ، أو دقّةٍ في المرام ، أو بُعْدٍ عمّا هو مقتضى المقام ، فمثل هذا أيضاً يتوهّم كثيراً ، حيث ينسب إلى شخص شيئاً يزعم أنّه هو المفهوم من كلامه زعماً