لَّا يُبْصِرُونَ ) (١) ، فقال : « إنّ اللّه تعالى لا يوصف بالترك كما يوصف خلقه ، ولكنّه متى علم أنّهم لا يرجعون عن الكفر والضلال منعهم المعاونة واللطف ، وخلّى بينهم وبين اختيارهم » (٢) .
وقال عليهالسلام : « إن اللّه عزوجل لم يُطع بإكراه ، ولم يُعص بغلبة ، ولم يُهمل العباد سدىً في ملكه ، بل هو المالك لِما ملّكهم ، والقادر على ما أقدرهم عليه ، فإن ائتمر العباد بطاعة لم يكن اللّه لهم عنها صادّاً ولا منها مانعاً ، و إن ائتمروا بمعصية فشاء أن يمنّ عليهم فيحول بينهم وبين ذلك فعل ، وإن لم يحلّ وفعلوه ، فليس هو الذي أدخلهم فيه » (٣) .
وقد روي هذا الخبر عن الحسن المجتبى عليهالسلام أيضاً ، وفي آخره بدل قوله : «وإن لم يحلّ» : «وإن لم يفعل فليس هو الذي حملهم عليها إجباراً ، ولا ألزمهم بها إكراهاً ، بل احتجاجه سبحانه عليهم أن عرّفهم وبصّرهم وحذّرهم وأمرهم ونهاهم ، لا جبلاًّ لهم على ما أمرهم به فيكونوا كالملائكة ، ولا جبراً لهم على ما نهاهم عنه ، بل جعل لهم السبيل إلى فعل ما دعاهم إليه ، وترك ما نهاهم عنه وللّه الحجة البالغة » (٤) .
وفي رواية عن أمير المؤمنين عليهالسلام أنّه سئل عن الاستطاعة ، فقال : « تملكها باللّه الذي يملكها من دونك ، فإن ملّككها كان ذلك من عطائه ، وإن سلبكها كان ذلك من بلائه ، وهو المالك لما ملّكك ، والمالك لما عليه
__________________
(١) سورة البقرة ٢ : ١٧ .
(٢) عيون أخبار الرضا عليهالسلام ١ : ١٢٣ / ١٦ ، الاحتجاج ٢ : ٣٩٦ / ٣٠٣ .
(٣) الاختصاص : ١٩٨ ، عيون أخبار الرضا عليهالسلام ١ : ١٤٤ / ٤٨ ، التوحيد : ٣٦١ / ٧ .
(٤) تحف العقول : ٢٣١ ، كنز الفوائد ١ : ٣٦٦ ، بتفاوت .