غالٍ ، كافر ، مفتر كذّاب ، كما أنّه كذلك من نزّلهم عن ذلك ، وهذا هو معنى قول عليّ عليهالسلام حيث قال : « هلك فيّ اثنان : مفرط غالٍ ، ومفرط قالٍ » (١) ، وفي رواية : « محبّ غَالٍ ، ومبغض قَالٍ » (٢) .
وليس كما توهّمه الجُهّال الذين لم يعرفوا حالتهم ، حيث أنكروا إمامتهم ، ولم يتوجّهوا إلى ما ورد فيهم وصدر عنهم ، فافتروا على من عرفهم حقّ المعرفة من الإماميّة ، بأنّهم يزعمون في أئمّتهم خواصّ الاُلوهيّة ، وأنّهم الذين قال عليهالسلام : « إنّه المفرط الغال » .
وقد بيّنّا سابقاً أنّ مدار أقوام من العامّة على نسبة الإماميّة إلى ما هو معلوم عند كلّ عارف بحالهم أنّه محض التهمة والفرية ، حتّى أنّه سيأتي في آخر الفصل الرابع من المقالة الأخيرة من المقصد الأوّل ادّعاء ابن حجر في صواعقه أنّ الشيعة الإماميّة من المفرطين الوارد في هذا الخبر ، قال : لأنّهم أفرطوا في محبّة عليّ عليهالسلام ، حتّى جرّهم ذلك إلى تكفير الصحابة ، وتضليل الاُمّة (٣) .
ولا يخفى أنّ هذا ممّا تضحك منه الثكلى ، كما سيأتي تمامه في محلّه ، إذ ـ مع قطع النظر عن كلّ شيء ـ لا كلام في كون مورد الخبر الغُلاة ، كما هو صريح فيما رواه أحمد بن حنبل وغيره عن عليّ عليهالسلام ، عن النبيّ صلىاللهعليهوآله أنّه قال : « يا عليّ ، إنّ فيك مثلاً من عيسى عليهالسلام أبغضته اليهود حتّى بهتوا اُمّه وأحبّته النصارى حتّى أنزلوه المنزل الذي ليس له » ، قال
__________________
(١) نهج الإيمان : ٤٩٠ بتفاوت يسير .
(٢) نهج البلاغة : ٥٥٨ ، الحكمة رقم ٤٦٩ .
(٣) الصواعق المحرقة : ٢٣٥ .