وكذا يقولون في جميع الأنبياء والأوصياء عليهمالسلام : إنّ كلّ متأخّرٍ منهم كان منصوباً ، لا سيّما بالوصاية بنصّ المتقدّم عليه في أمر الدين ، بل بإخبار أكثر السابقين على وفق تعيين ربّ العالمين ، وإنّ الأرض لا تخلو من حجّةٍ معيّنٍ من اللّه عزوجل من آدم عليهالسلام إلى آخر العالَم ظاهراً كان أو مستوراً ، وسيأتي بيان نبذٍ من منافعه حال الستر التي منها : بقاء أهل الأرض بوجوده ، وانتفاعهم من ثمراتها ببركته .
وبالجملة : حيث إنّ اللّه عزوجل علم بعلمه الكامل الأزلي كمال قابليّة الأنبياء والأوصياء ، لا سيّما نبيّنا وأوصيائه الاُمناء صلوات اللّه عليهم أجمعين ، وتمام استحقاقهم لمزيد الالتفات إليهم ، واللطف عليهم ، وتفوّقهم على من سواهم ، والإيصال إلى أعلى مراتب القرب والمنزلة ؛ لِما وجد فيهم من كمال الإخلاص والطاعة فعل بهم ذلك ، فاصطفاهم من بين سائر عبيده ومخلوقيه بما ذكرناه من العطايا الجزيلة ، والمراتب الجليلة مع تفضيل بعضهم على بعض بحسب القابليّة والاستحقاق ، وعلَّمهم جميع ما لا بُدَّ أن يعلموا ، بل زاد لبعضهم ما به يتفاضلون .
ثمّ جعلهم حجّةً منه على الخلق ، وقدوة أئمّة يهدون بالحقّ وبه يعدلون .
ثمّ أمر الخلائق بولايتهم ومتابعتهم والأخذ عنهم ، وترك مخالفتهم ، لم يرض بغير ذلك ، ولم يقبل إلاّ ذلك ؛ ولهذا جعل إطاعتهم إطاعته ، ومخالفتهم مخالفته ، حتّى أنّه جعل ذلك مناط الإيمان والكفر .
ومن البيّن الواضح أنّ هذا كلّه ممّا لا يخرجهم عن حدّ العبوديّة ، ولا ربط له بما هو من خصائص الاُلوهيّة ، بل إنّما هم عبيد مربوبون لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون ، فمن رام غير ذلك فهو عند الإماميّة