ولهذا أعطاهم اللّه تعالى جميع كمالات الأنبياء ، وفضائل كلّ الأولياء والأوصياء ، وما كان عندهم من أعاظم الأسماء الحسنى ، والودائع التي في الكتب التي نزلت من السماء ، وأورثهم سائر مواريثهم مع زيادة الكمالات التي قرّرها اللّه فيهم ، حيث أشهدهم على خلق الأشياء ، وأطلعهم على أسرار ما في الأرض والسماء ، وأخبرهم بما مضى وما هو آتٍ ، وأيّدهم بروح القدس وأملاك السماوات ، وأذن لهم في أنواع الشفاعات ، بل رخّصهم في كثير من اُمور أهل العرصات ، حتّى قسمة أصحاب النيران والجنّات ، بل قرّر لهم في هذه الدنيا التي جعلها دار محنة لهم وابتلاء أوّلاً أن يكون لهم فيها أيضاً تمام الدولة والشوكة أخيراً ؛ ولهذا جعل لهم ولأوليائهم الرجوع إلى الدنيا ؛ لانتقامهم من أعاديهم فيها قبل عذاب العقبى .
وتدلّ على جميع ما ذكرناه النصوص المتواترة عن العترة الطاهرة ، كما أشرنا آنفاً ، ما سوى ما مرّ في أوائل هذا الكتاب ، وما سيأتي في بيان فضائلهم .
وكذا يقولون ، أي الإماميّة : إنّ الأنبياء والأوصياء من لدن آدم عليهالسلام وهلمّ جرّاً كلّهم كانوا معصومين كالملائكة المقرّبين لا يعصون اللّه ما أمرهم ، ويفعلون ما يؤمرون ، وأنّ ما ثبت صدوره عن بعض منهم فإنّما هو ترك الأولى لا غير ذلك ، كما حقّق في محلّه ، ككتاب تنزيه الأنبياء وغيره (١) ، ومن أراد التفصيل فليرجع إليه ، وسيأتي فيما بَعْدُ أيضاً بعض بيان له ، مع أنّ نبيّنا صلىاللهعليهوآله مع أوصيائه جميعاً كانوا من هذا أيضاً سالمين .
__________________
(١) انظر : تنزيه الأنبياء للسيّد المرتضى : ١ ، الاعتقادات للصدوق : ٩٦ / ٣٦ ، (ضمن مصنّفات الشيخ المفيد ، ج٥) .