وكذا يقولون ـ بحسب النصوص المتواترة عندهم المعتضدة بما رواه غيرهم ـ : إنّ اللّه عزوجل لمّا يعلم بعلمه الكامل الأزليّ كمال قابليّة نبيّنا صلىاللهعليهوآله والأوصياء من ذرّيّته المعلومين أزيد من سائر المخلوقين ، حتّى الأنبياء والمرسلين والملائكة المقربّين للارتقاء إلى أعلى مدارج القرب والكمال ، واستحقاق إعلاء شأنهم على سائر عبيده المشرّفين بالعزّ والإجلال ، حيث علم من حالهم أنّهم إذا خُلقوا يمتازون عن سائر عبيده بمزيد المعرفة والإخلاص والطاعة وسائر لوازم العبوديّة ، حتّى ورد : أنّه عزوجل حين خلق أرواحهم من النور الذي خلقهم منه سبّحوا اللّه ومجّدوه ، وذلك قبل خلق (الخلق والسماوات والأرض) (١) ، ثمّ تعلّم من سواهم التسبيح والتقديس منهم ، فاقتضى عدله ولطفه وحكمته أن يتفضّل عليهم بما ينبغي أن يكونوا عليه ، فمنحهم ما منحهم ، حتّى أعطاهم ما لم يعط أحداً من العالمين ، فهُم أوّل كافّة الخلق إيجاداً ، وأقدمهم تنزيهاً للّه تعالى وتوحيداً ، وأسبقهم لأمر ربّهم إيجاباً ، وأعرفهم عرفاناً ، واْكملهم إيماناً ، وأفضلهم عند ربّهم مكاناً ، وأعلاهم شأناً ، وأقربهم منزلةً وقرباناً ، بحيث إنّ اللّه عزوجل لم يخلق خلقاً إلاّ أوجب عليه حبّهم وولايتهم والتصديق لهم ، كما أوجب عليه توحيده والإيمان به ، فمن أقرّ كان مؤمناً طيّب اللّه ولادته ، ومن أنكر صار كافراً خبيث الانعقاد نطفته ، حتّى أنّ سائر الأنبياء والأوصياء والاُمم السابقين كانوا بهذا الأمر ـ أي : التزام حبّهم وتصديق قولهم ـ مكلّفين ، كما يستفاد من كتبهم أيضاً .
__________________
(١) بدل ما بين القوسين في « ن » : «الخلائق بالأرض بآلاف السنين» وفي «ش» : قبل خلق السماوات والأرضين» وفيها نسخة بدل : «قبل الخلائق بآلاف من السنين » .