في أحاديث أهل البيت العلماء من اللّه : «إنّ آدم شكى ذلك التسلّط إلى ربّه عزوجل ، فأعطاه أشياء عظيمة ، منها : أنّه قرّر لمن جاء بالحسنة فله عشر أمثالها ، ومن جاء بالسيّئة لا يجزى إلاّ مثلها ، ومنها : أنّه فتح باب التوبة لهم إلى حين الموت» .
وبالجملة : ذكر له تفصيلات عظيمة ولم يكن آدم يكتفي بها إلى أن قال له : «أغفر لهم ولا اُبالي ، فقال آدم : إذاً حسبي» (١) .
ولا يخفى أنّه لو لم يكن ذلك التسلّط ، لم تكن أيضاً تلك التفضّلات ، ولا أقلّ من تفاوت الدرجات وحصول المثوبات التي إنّما هي بإزاء ترك متابعة) (٢) ذلك العدوّ في حين تسلّطه ، فتأمّل بصيراً حتّى يتبيّن لك أنّ هذا هو أيضاً من أسرار حِكم خلقة الشيطان واستدراجه إلى حالة إظهار الطغيان .
هذا كلّه ، مع ما في جميع ذلك من الحِكم التي لا ندرك نحن أصلها ولا نصل إلى حدّ غورها ، بل لا يعلمها إلاّ هو .
لكنّ ذلك الشقيّ ؛ حيث غلب عليه الحسد الناشئ من الاستكبار الذي كان فيه من قلّة المعرفة والإخلاص ـ كما تبيّن ممّا مرّ ـ عميت عين بصيرته ؛ بحيث لم ينظر إلى قبح مخالفة ربّه ، وكفر منازعته في أمره ، فضلاً عن ملاحظة الحِكم وفهم الأسرار ، فشرع في المجادلة باستحسان رأيه والقياسات التي رتّبها بجهله ، حتّى في مقابل صريح أمر اللّه عزوجل ، فكان ذلك اُمّ الفساد في العالم ؛ لأنّه أهلك به نفسه أوّلاً كما هو ظاهر ، ثمّ أضرّ به بني آدم ثانياً ؛ بحيث أهلك عالماً كثيراً منهم بإغوائه إيّاهم عن الحقّ
__________________
(١) انظر : تفسير القمّي ١ : ٤٢ ، وبحار الأنوار ١١ : ١٤٢ / ٨ ، والجواهر السنيّة : ١٢ .
(٢) من ص ٩١ إلى هنا سقط من «ن» .