في كلام الثانيين (١) ـ انتفت ثمرة نزاع البين كما أشار إليه ، ولكن يرد عليهما عدم دلالة الخبرين إلاّ على الجواز ، وتظهر الثمرة حينئذ في الاكتفاء بأحدهما.
ومما ذكر يظهر دليل من خالف في الأحكام الثلاثة أيضا ، إلاّ أنّ ظاهر بعض مشايخنا عدم القول به بين أصحابنا (٢).
ثمَّ على المختار هل تعاد البسملة بينهما؟ كالحلّي والفاضل (٣) ، وكثير من المتأخرين (٤) ، لثبوتها بينهما متواترا ، وكتبها في المصاحف إجماعا ، ولحصول البراءة اليقينية به.
أو لا؟ كالنافع (٥) ، وعن الشيخ (٦) ، لاقتضاء الوحدة ذلك ، ودعوى المجمع أنّ الأصحاب لا يفصلون بينهما بها (٧) ، وقوله في الرضوي المتقدم : « ولا تفصل بينهما » وما روي أنّ ابيّ لم يفصل بينهما بها.
الظاهر هو الأول ، لا لما ذكر ، لعدم حجية هذا التواتر لانتهائه إلى عمل الخلفاء الثلاث ، وعدم العلم بالاشتغال بأزيد ممّا علم منه البراءة.
بل للأمر في رواية سالم بن سلمة بالقراءة كقراءة الناس (٨) ، ولا شك أنّهم يقرؤون كذلك. واقتضاء الوحدة لترك البسملة ممنوع ، لجواز تخللها بين السورة
__________________
(١) المحقق الثاني في جامع المقاصد ٢ : ٢٦٢ ، الشهيد الثاني في روض الجنان : ٢٦٩ ، ولا يخفى أن المراد بالروايتين هنا هو صحيحة الشحام الاولى ورواية المفضل المتقدّمتان في الصفحة السابقة ، كما صرّح به في جامع المقاصد وروض الجنان.
(٢) شرح المفاتيح للبهبهاني ( المخطوط ).
(٣) الحلي في السرائر ١ : ٢٢١ ، الفاضل في التحرير ١ : ٣٩.
(٤) منهم الفاضل المقداد في التنقيح الرائع ١ : ٢٠٤ ، والشهيد الثاني في الروضة ١ : ٢٦٩ ، والأردبيلي في مجمع الفائدة ٢ : ٢٤٤ ، والخوانساري في الحواشي على شرح اللمعة : ٢٧٦.
(٥) المختصر النافع : ٣١.
(٦) التبيان ١٠ : ٣٧١.
(٧) مجمع البيان ٥ : ٥٠٧.
(٨) الكافي ٢ : ٦٣٣ فضل القرآن ب ١٤ ح ٢٣.