القراءة في الأخيرتين كما يظهر من كتب السيّد والفاضل (١) ، وعن الشافعي والأوزاعي وأحمد روايتان (٢) ، إحداهما وإن كانت وجوب القراءة ولكن الأخرى غير معلومة لنا ، فلعلّها موافقة لها.
وموافقة هذه خامسا ، كيف؟! وصحيحتا ابني حازم وعمّار مصرّحتان بالتفصيل الذي لم ينقل من أحد من العامة ، فهما أيضا مخالفتان لهم قطعا ، فإنّه يصدق عليهما أنّهما مخالفتان للعامة.
مع أنّه لم تثبت أفضلية القراءة أو تعيينها في الركعتين من أحد من العامة ، إذ قد عرفت أنّ لمن ذكر روايتان ، وسفيان يكرهها ، والحسن يوجبها في كلّ صلاة في ركعة واحدة (٣) ، ومالك لا يوجبها في مجموع الأخيرتين (٤) ، والمنقول عن أبي حنيفة في كتب أصحابنا التخيير (٥) ، من غير تعرّض للأفضلية أصلا.
نعم ذكرها ابن روزبهان العامي الكذّاب في كتابه أنه يقول بالأفضلية ، ولا يثبت بمجرّد ذلك أنّ ذلك قول أبي حنيفة بحيث يصير منشأ لمرجوحية الأخبار.
ثمَّ مع تسليم ذلك الترجيح للأولى نقول : صرّح التوقيع بمرجوحية روايات أفضلية التسبيح ، وهو أخصّ من روايات الترجيح بمخالفة العامة ، فيجب تقديمه قطعا.
والخدش في التوقيع ـ إمّا بالإجمال (٦) ، أو بعدم جواز النسخ في المورد ، أو بعدم صلاحية ما ذكره ناسخا للنسخ ـ ليس بشيء ، كما لا يخفى على المتدبّر.
نعم المستفاد من التوقيع ليس إلاّ نسخ التسبيح بالقراءة ، وإذ ليس هو نسخ
__________________
(١) كالتذكرة ١ : ١١٦.
(٢) انظر : الأم للشافعي ١ : ١٠٧ ، المغني ١ : ٥٦١ ، المبسوط للسرخسي ١ : ١٨.
(٣) انظر : بداية المجتهد ١ : ١٢٦ ، المجموع ٣ : ٣٦١ ، المغني ١ : ٥٦١.
(٤) انظر : بداية المجتهد ١ : ١٢٦ ، المغني ١ : ٥٦١ ، المبسوط للسرخسي ١ : ١٨.
(٥) راجع الخلاف ١ : ٣٤١ ، والتذكرة ١ : ١١٥ ، والمنتهى ١ : ٢٧٥ ، وانظر المبسوط للسرخسي ١ : ١٩ ، عمدة القارئ ٦ : ٨ ، المجموع ٣ : ٣٦١ ، المغني ١ : ٥٦١ ، الشرح الكبير ١ : ٥٦٠ ، نيل الأوطار ٢ : ٢٣٣.
(٦) في « ق » : بالإجماع.