وأرجع إليه إطلاق كلام علمائنا ، لأنّه ليس بأرض ولا نباتها ، وعلى هذا فيجب استثناء المأخوذ من الصوف أيضا.
وفيه : أنّ هذا إنّما يصحّ ، إذا جوّزنا السجود على النورة ، وقلنا بصدق النبات على القرطاس المتّخذ من النبات ، فإنّه يكون التعارض حينئذ بين العمومات المانعة عن السجود على غير الأرض ونباتها (١) وبين الصحيحة بالعموم من وجه ، فيرجع في محل التعارض وهو القرطاس المتّخذ من غير النبات إلى المرجّح ، ولا شكّ أنّه مع المانع لمخالفته للعامّة.
وأمّا إذا قلنا بعدم جواز السجود على النورة فتكون الصحيحة أخصّ مطلقا من العمومات ، فتخصّ بها ، وكذا إذا قلنا بعدم صدق النبات أو ما أنبتته الأرض على القرطاس مطلقا ، كما هو كذلك ، وصرّح به جماعة (٢) ، ولا يفيد كون أصله نباتا ، ألا ترى أنّه يقال لزيد إنّه ممّا أولدته زينب ، وإن كان ميّتا ، وكذا أجزائه ، بخلاف ما إذا استحيل إلى شيء آخر كالرميم والتراب.
واستدلّ بعض مشايخنا المحقّقين لهذا القول ـ بعد تقويته ـ بندرة المأخوذ من الإبريسم ، والإطلاق ينصرف الى الغالب (٣).
ويضعّف بأنّ المجوّز عام لا مطلق ، مع أنّ الندرة الموجبة لانصراف اللفظ عنها ممنوعة جدّا.
وللدروس ، فلم يجوّز السجود بالقرطاس المأخوذ من القطن والكتان أيضا (٤).
ووجهه ظاهر ، وضعفه أظهر ، لعدم صدق الاسمين حينئذ ولا الملبوس.
ثمَّ إنّ مقتضى الصحيحة الأخيرة كراهة السجود على القرطاس المكتوب. وهو كذلك ، لها. وبه صرّح الأصحاب.
__________________
(١) انظر : الوسائل ٥ : ٣٤٣ أبواب ما يسجد عليه ب ١.
(٢) منهم المحقق في المعتبر ١ : ٣٧٥ ، وصاحب الحدائق ٧ : ٢٤٨.
(٣) شرح المفاتيح للبهبهاني ( المخطوط ).
(٤) الدروس ١ : ١٥٧.