ويضعّف بأنّ هذا إذا خصّصنا الأنف بالإرغام وإلاّ فيساوي الجبهة ، لأنّ وضعها على التراب أيضا مستحبّ.
وقيل : لأنّ التغيير في التعبير في الأخبار ـ من لفظ الإرغام في بعض والسجود في بعض ـ من باب المسامحة ، وإلاّ فالمراد واحد ، وهو وضع الأنف على ما يصحّ السجود عليه ، وذكر الإرغام إنّما هو من حيث أفضليّة السجود على الأرض بالجبهة ، والأنف تابع لها (١).
وفيه ما فيه : فإنّ بعد أفضليّة السجود على الرغام لا يكون المستحبّ أمرا واحدا.
ثمَّ ظاهر إطلاق الأخبار إجزاء إصابة الأنف المسجد بأيّ جزء اتّفق.
والسيّد ، والحلّي عيّنا العرنين منه (٢) ، ولعلّ مأخذه رواية العيون الآتية (٣) ، ولكنّها لا تدلّ على اختصاص الموضوع بالعرنين ، فلعلّه كان يضع مجموع الأنف ، وإن حصل الأثر في العرنين ، لأنّه أقرب إلى التأثير ، فتأمّل.
ويحتمل إرادتهما الإجزاء لا التعيين.
ويؤيّد المشهور بالرضوي المتقدّم ، حيث إنّ ظاهره كفاية وضع الأنف بأيّ جزء منه حتى المنخرين.
وفيه : أنّ الظاهر أنّ قوله فيه : « ومنخريك » غلط النسّاخ ، وإن كان كذلك في كلّ نسخة منه رأيناه ، إذ لا معنى صحيحا له.
والظاهر أنّه « ويجزيك .. ». ويؤيّده أنّ مقتضاه ـ من اعتبار قدر الدرهم في موضع الجبهة ـ هو فتوى الصدوق (٤) ، المطابقة لعبارات ذلك الكتاب غالبا.
__________________
(١) انظر : الحدائق ٨ : ٢٩٧.
(٢) السيّد في جمل العلم والعمل ( رسائل الشريف المرتضى ٣ ) : ٣٢ ، الحلّي في السرائر ١ : ٢٢٥.
والعرنين هو كل شيء أوّله ، وعرنين الأنف : تحت مجتمع الحاجبين وهو أوّل الأنف حيث يكون فيه الشمم. انظر : الصحاح ٦ : ٢١٦٣.
(٣) انظر : ص ٢٩٤.
(٤) كما في المقنع : ٢٦.