عقيب الآية (١) ، بل قيل : إنّه ممّا لم يقل به أحد من المسلمين (٢) ، نعم قال بعض العامّة بأنّ موضع السجود ( وَهُمْ لا يَسْأَمُونَ ) (٣).
واستدل له بأنّه مقتضى فورية الأمر بالسجود ، بل قيل : إنّ ظواهر الأخبار هو السجود عند ذكر السجدة ، لتعلق السجود في جملة منها على سماع السجدة أو قراءتها أو استماعها ، والمتبادر منها هو لفظ السجدة ، والحمل على تمام الآية يحتاج إلى تقدير (٤).
ويردّ بما مرّ من الدعائم ، والمروي في المجمع : إنّ السجود في سورة فصّلت عند قوله ( إِنْ كُنْتُمْ إِيّاهُ تَعْبُدُونَ ) (٥).
ويجاب عن فورية الأمر ـ مضافا إلى منعها ـ بأنّه لم يتعلق حينئذ أمر الله سبحانه حتى تجب المسارعة إليه ، فإنّه لا مدخليّة لتلاوة القارئ في تعلّق الأمر أصلا ، فلو اقتضى الأمر الفورية كان تجب السجدة بمجرد بلوغ كل أحد بعد اطلاعه على أمر الله سبحانه وإن لم يسمع آيها ، مع أنّ هذا القدر من التأخير لا ينافي الفورية.
وعن ظواهر الأخبار بأنّ لفظ السجدة مجاز في كلّ من لفظها والآية المتضمّنة للفظها والسورة المتضمّنة لآيتها ، والحمل على كلّ واحد منها يحتاج إلى دليل ، وإن لم يكن يؤخذ بالمتيقن وجوب السجدة عنده ، وهو الفراغ عن الآية.
ثمَّ إنّه هل يجوز التقديم عليه والسجدة عند قوله تعالى ( وَاسْجُدُوا لِلّهِ )
__________________
(١) قال في الخلاف ١ : ٤٢٩ : موضع السجود في حم السجدة عند قوله ( وَاسْجُدُوا لِلّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِنْ كُنْتُمْ إِيّاهُ تَعْبُدُونَ ) ثمَّ قال : وأيضا قوله تعالى ( وَاسْجُدُوا لِلّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ ) أمر والأمر يقتضي الفور عندنا وذلك يوجب السجود عقيب الآية. منه رحمهالله.
(٢) قال في الذكرى ص ٢١٤ : فما قاله في المعتبر لا قائل به.
(٣) انظر : أحكام القرآن لابن العربي ٤ : ١٦٦٤ ، أحكام القرآن للقرطبي ١٥ : ٣٦٤ ، احكام القرآن للجصاص ٣ : ٣٨٥ ، المجموع ٤ : ٦٠.
(٤) انظر : الحدائق ٨ : ٣٣٤.
(٥) مجمع البيان ٥ : ١٥ ، الوسائل ٦ : ٢٤١ أبواب قراءة القرآن ب ٤٢ ح ٨.