والثالث : بعدم توقف كونه محلّلا على الجزئية ، لجواز أن تكون حلّية ما يحرم في الصلاة بأمر خارج عنها قبل التسليم وإن كان واجبا خارجا ، إلاّ أنه لا دليل على جواز تعمّد فعل المنافي قبله ، وهذا معنى كونه تحليلا ، مضافا إلى أنّه يمكن أن يكون المراد من التحليل الخروج عن الصلاة وحلّ ما عقدته الصلاة ، ويكون حينئذ على الخروج أدلّ ، فتأمّل.
والبواقي غير الأخير : بأنّها أعم مطلقا ممّا مرّ من أدلة الخروج ، لدلالتها بالمفهوم على عدم الفراغ والانقطاع والانصراف ما لم يقل بهذا القول سواء تمَّ التشهد أم لا ، فتخصّص به ، كما أنّ حديث الانقطاع يخصّص بسائر القاطعات أيضا.
ولا ينافي ذلك رواية أبي كهمش : عن الركعتين الأوليين إذا جلست فيهما للتشهد فقلت وأنا جالس : السلام عليك أيّها النبي ورحمة الله وبركاته ، انصراف هو؟ قال : « لا ، ولكن إذا قلت : السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين فهو الانصراف » (١) من جهة التصريح بعدم حصول الانصراف بعد التشهد وقبل التسليم.
لأنّ هذا في الركعتين الأوليين ، ولا شك أنّ التشهد فيهما ليس آخر الصلاة ولا التسليم على النبي موجبا لانقطاع الصلاة. نعم ينقطع لو قال : السلام علينا ، لأنّه موجب لانقطاع الصلاة إمّا لكونه آخرا لها أو خارجا عنها ، ولهذا حكم ببطلان الصلاة به في حسنة ميسر (٢). مع أنّ حصول الانصراف به لا يدلّ على الجزئية ، ولذا قيل : الفراغ لا يستلزم الانصراف. انتهى.
هذا كلّه إذا كان التسليم المتنازع فيه مطلقة. وأمّا لو خصّ النزاع
__________________
(١) الفقيه ١ : ٢٢٩ ـ ١٠١٤ ، التهذيب ٢ : ٣١٦ ـ ١٢٩٢ ، الوسائل ٦ : ٤٢٦ أبواب التسليم ب ٤ ح ٢.
(٢) الخصال : ٥٠ ـ ٥٩ ، التهذيب ٢ : ٣١٦ ـ ١٢٩٠ ، الوسائل ٦ : ٤٠٩ أبواب التشهد ب ١٢ ح ١.