ولتحقيق المقام نقول :
اعلم أوّلا أنّه يستعمل هاهنا ألفاظ الصارف ، والقاطع ، والمخرج ، والمحلّل.
والأوّلان متساويان ، وهما أعمّان مطلقا من المبطل ، فإنّ كلّ مبطل للصلاة صارف عنها قاطع لها ولا عكس ، لأنّهما لو لحقا في الأثناء كانا مبطلين ، ولو تعقّبا الجزء الأخير من الصلاة أو كانا نفسه لم يكونا مبطلين ، بل يكونان حاجزين من عروض المفسد والمبطل ، ويتساوقان للمخرج.
وأمّا المحلّل فهو أعمّ من وجه من المخرج وأخويه ، إذ لا مانع عقلا من أن يحلّ بعض الأشياء أو كلّها قبل تمام الصلاة ، كما قد يقال بعدم إبطال الحدث سهوا قبل السلام على القول بجزئيته ، ولا من أن يتم الصلاة ويخرج منها ، وتوقف حلّية بعض الأشياء على أمر آخر ، كما قاله صاحب الحدائق (١) ، وإن أمكن دعوى ثبوت التلازم شرعا من أحد الطرفين بل من كليهما.
وهاهنا أمر آخر وهو المتمّم أي الجزء الأخير من الصلاة ، فهو مباين للمبطل ، وأعمّ من وجه من المخرج وأخويه ، إذ يمكن أن يكون الجزء الأخير مخرجا ، ويمكن أن لا يكون كذلك بل يتوقف الخروج والصرف على أمر خارج يكون هو كالحاجز بينها وبين غيرها ، فما لم يفعله يكون المصلّي في حيّز الصلاة ويكون ما يفعل بعده زيادة في الصلاة كما مرّ في إتمام المسافر (٢) ، وكذا من المحلّل.
إذا عرفت ذلك فنقول : قد ثبت حكم التسليمات من الوجوب والاستحباب ممّا تقدّم.
ومقتضى الأصل عدم جزئية شيء منها للصلاة أيضا ، ولا كونه صارفا ولا مخرجا ولا محلّلا.
إلاّ أنّ صحيحة الحلبي المتقدّمة المصرّحة بأنّ « كلّ ما ذكرت الله به والنبي
__________________
(١) الحدائق ٨ : ٤٨٤.
(٢) راجع ص ٣٤١.