ومقتضاها وإن كان استحباب الميل بالسلام إلى اليمين كيف ما كان ـ إمّا بالالتفات إليه أو الإيماء بالعين أو الوجه ، كلاّ أو بعضا ، لصدق السلام عن اليمين عرفا في جميع الصور ـ ولكن خصّوه بالإيماء ببعض الوجه ، للإجماع على عدم إرادة صرف الوجه كلّه إلى اليمين. بل على كراهته تصريح رواية العلل ، وفيها : فلم لا يكون الإيماء في التسليم بالوجه كلّه ، ولكن يكون بالأنف لمن صلّى وحده ، وبالعين لمن يصلّي بقوم؟ (١).
وقد يوجّه التخصيص أيضا ، بأنّه المتبادر من اللفظ عند الإطلاق ، وبالأخبار الدالّة على أنّ كلا من الإمام والمأمومين يسلّم على الآخر (٢) ، وهو يستلزم الميل بصفحة الوجه لا أقلّ منه ، وإنّما اقتصروا عليه حذرا من الالتفات المكروه.
والتبادر مردود قطعا. والاستلزام ممنوع جدّا ، لكفاية الإسماع والقصد ، مع أنّه قد يكون المأموم في اليسار أو الخلف أو الجهتين.
وعن الصدوق تخصيصه الإيماء بالعين (٣) ، ولعلّه لرواية العلل.
وهو حسن ، إلاّ أنّ الأوّل أولى ، للشهرة القويّة. بل أظهر ، لوقوع ذلك التفصيل في السؤال ، وإثبات الحكم به موقوف على حجيّة التقرير على الاعتقاد سيّما في المستحبات.
والمنفرد كالإمام في العدد والاستقبال والإيماء والجهة ، إجماعا ، له ، ولصحيحة ابن عواض في الأولين ، ورواية العلل في الثالث ، ورواية البزنطي : « إن كنت وحدك فسلّم تسليمة واحدة عن يمينك » (٤) في الأوّل والأخير.
بل في الإيماء بصفحة الوجه أيضا ، على الأظهر ، وفاقا للانتصار ـ مدّعيا
__________________
(١) العلل : ٣٥٩ ـ ١ ، الوسائل ٦ : ٤٢٢ أبواب التسليم ب ٢ ح ١٥.
(٢) انظر : الوسائل ٦ : ٤١٩ أبواب التسليم ب ٢.
(٣) الفقيه ١ : ٢١٠ ذيل الحديث ٩٤٤.
(٤) المعتبر ٢ : ٢٣٧.