بل نسب الى كثير من المتأخرين ، بل في الناصريات نسبته إلى أصحابنا مؤذنا بدعوى الإجماع عليه ، للإطلاق المزبور الذي منه أنها الحج الأصغر بل في النبوي (١) « العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما » ونحوه ، واحتمال المناقشة فيه ـ بعد الإغماض عن السند أنه بالنسبة إلى تحديد المدة مجمل غير واضح الدلالة ، فإن إطلاقه مسوق لبيان الفضيلة لا لتحديد المدة ، بل بذلك يمكن الجواب عن الإطلاق الآخر في الندب إليها إن وجد ـ يدفعه أنه ظاهر بمقتضى إطلاقه في عدم اعتبار المدة لا أنه مجمل بالنسبة إليها ، وكذا ما دل على طلبها والحث عليها حتى شبه غيرها من العبادات بها وبالحج كما لا يخفى على ذي مسكة ، ولا ينافيه نصوص الشهر والعشر التي أقصاها عدم ترتب الاستحباب المخصوص أو الكراهة ، نعم في صحيحي حريز (٢) وزرارة (٣) النهي عنهما قبل سنة وقد عرفت الإجماع على خلاف ذلك من غير العماني ، فليحمل على التقية من بعض العامة أو على إرادة عمرة التمتع ، أو على إرادة مرتبة من مراتب الكراهة ، أو على أن المراد اني لا أعتمر في كل سنة إلا مرة كما أن المراد من الصحيح الآخر تأكد استحباب الاعتمار في كل سنة أو غير ذلك مما هو أولى من الطرح وإن بعد ، وإن أبيت فلا بأس به بعد ما عرفت من شذوذ القول به ، بل يمكن القطع بفساده ولو للسيرة والعسر والحرج ، ضرورة شدة احتياج الدخول إلى مكة والخروج منها لجملة من الناس في السنة مرارا متعددة ، بل وفي الشهر الواحد ، ومن الغريب بعد هذا كله ما وقع من بعض متأخري المتأخرين من دعوى كون المسألة مشكلة ، لعدم وضوح دليل على شيء مما فيه من الأقوال ، فلا يترك الاحتياط فيها على حال.
__________________
(١) كنز العمال ـ ج ٣ ص ٢٢ ـ الرقم ٤٨٧ و ٤٨٨.
(٢) الوسائل ـ الباب ٦ من أبواب العمرة الحديث ٧.
(٣) الوسائل ـ الباب ٦ من أبواب العمرة الحديث ٨.