بوجوب التسليم على كل منهما التقابض ، وإلا فيجوز لأحدهما الامتناع عن التسليم ، إن سبقه الآخر بالامتناع ، كما هو مقتضى المعاوضة ، والمعلوم من بناء المتعاقدين ، بل إطلاق العقد بالنسبة إلى ذلك كالتصريح به.
لكن عن الأردبيلي بعد أن حكى عن الأكثر أنه إنما يجب عليهما معا الدفع بعد أخذ العوض ، ويجوز لكل المنع حتى يقبض ـ أشكله بعدم النص ، وثبوت الانتقال بالعقد يقتضي وجوب الدفع على كل واحد منهما عند طلب الآخر ، وعدم جواز الحبس حتى يقبض حقه ، وجواز الأخذ لكل حقه من غير إذن الأخر ، لأن ذلك هو مقتضى الملك ، ومنع أحدهما حق الأخر وظلمه لا يجوز الظلم للآخر ومنعه حقه ، واستجوده المحدث البحراني ، لكن قال : إن في فهم ذلك من عباراتهم في هذا المقام إشكالا ، إذ غاية ما يفهم منها أن إطلاق العقد يقتضي وجوب تسليم المبيع والثمن ، فالواجب حينئذ على كل منهما التسليم من غير أولوية تقديم ، خلافا للشيخ.
فالغرض بيان تساويهما في وجوب التسليم ردا على ما سمعته من الشيخ ، وأين هذا من المعنى الذي ذكره وأشكله ، قلت : لا ينبغي التأمل في أن المفهوم من عبارات الأصحاب أن لأحدهما الامتناع بعد امتناع الأخر ، وأن بناء المعاوضة على ذلك ، وهو المراد مما في الدروس من أن حكم العقد تقابض العوضين ، إلى أن قال : « فإن تنازعا في التقدم تقابضا » ونحوها غيرها لا ان الوجوب على كل منهما مستقل على كل حال وأن المالين بمنزلة الوديعتين فليس لأحدهما الامتناع عن التسليم مع عدم إرادة المقاصة مثلا بعد امتناع الأخر.
ومن ذلك يظهر أنه لا وجه لإشكال الأردبيلي بعد الفهم العرفي من إطلاق العقد ، وفتاوى الأصحاب ـ بعد الإغضاء عما نقله عنهم ـ مما حاصله يرجع إلى ما ذكرناه في القول الثالث للشافعي ، وربما حكي عن بعض الفسخ أو بعد الخلاف ؛ وحينئذ يكون على وفق المشهور. فتأمل جيدا. فإن المقام لا يخلو من دقة.
وربما ظهر منه أيضا أن وجوب التسليم الذي اقتضاه العقد بعد الطلب ، فلا تجب حينئذ قبله ، وفيه أن ظاهر الأصحاب ما قد مناه سابقا من اقتضاء إطلاق العقد وجوب