فمتى لم يتمكّن من هذين النّوعين ، بأن يخاف ضررا عليه أو على غيره ، اقتصر على اعتقاد وجوب الأمر بالمعروف بالقلب ، وليس عليه أكثر من ذلك.
وقد يكون الأمر بالمعروف باليد بأن يحمل النّاس على ذلك بالتأديب والرّدع وقتل النّفوس وضرب من الجراحات ، إلّا أنّ هذا الضّرب لا يجب فعله إلّا بإذن سلطان الوقت المنصوب للرّئاسة. فإن فقد الإذن من جهته ، اقتصر على الأنواع التي ذكرناها.
وإنكار المنكر يكون بالأنواع الثلاثة التي ذكرناها : فأمّا باليد ، فهو أن يؤدّب فاعله بضرب من التأديب : إمّا الجراح أو الألم أو الضّرب ، غير أنّ ذلك مشروط بالإذن من جهة السّلطان حسب ما قدّمناه. فمتى فقد الإذن من جهته اقتصر على الإنكار باللّسان والقلب. ويكون الإنكار باللّسان ، بالوعظ والإنذار والتّخويف من فعله بالعقاب والذّمّ. وقد يجب عليه إنكار المنكر بضرب من الفعل ، وهو أن يهجر فاعله ، ويعرض عنه وعن تعظيمه ، ويفعل معه من الاستخفاف ما يرتدع معه من المناكير. وإن خاف الفاعل للإنكار باللّسان ضررا ، اقتصر على الإنكار بالقلب حسب ما قدّمناه في المعروف سواء.
فأمّا إقامة الحدود ، فليس يجوز لأحد إقامتها ، إلّا لسلطان الزّمان المنصوب من قبل الله تعالى ، أو من نصبه الإمام لإقامتها