مقدار معيّن.
وفرض ثبوت الأولوية يقتضي إلحاق غير المنصوص بالمنصوص لا العكس ، كما يدلّ عليه قوله : « فلم يوجب نزح الجميع » ؛ فإنّه تفريع على قوله : « لم يعتد بها » ، وكلمة « لم » مفتوحة اللام. وربّما يتوهّم كونها مكسورة ـ على أنّ الكلام استفهام. وليس كذلك ؛ لأن سوق الكلام يأباه.
ولو عكس الحكم فجعل الأولويّة مقتضية للاكتفاء ، بالسبع للبعرة لكان له وجه ما.
وقد ناقش في هذا أيضا بعض الأصحاب : بأنّه لا معنى للأولوية هنا. كيف! ونجاسة الفأرة مغايرة بالذات لنجاسة البعرة قطعا ، وليس بينهما اشتراك في معنى يتصوّر تحقّق الأولوية بواسطته ، بخلاف نجاسة الكلب ميّتا وحيّا ؛ فإنّ متعلّقها متّحد بالذات ، وإنّما نشأت المغايرة بأمر عرضيّ. وقد ثبت أنّ عروض هذا العارض يوجب قوّة النجاسة لا غير. فيرجع حاصل وجه المغايرة إلى قوّة النجاسة وضعفها. ومن البيّن أنّ مدار الأولوية على مثله.
وهذا الكلام صحيح في نفسه متّجه ، ولكن يحتمل أن يكون نظر العلّامة في إثبات الأولوية ، إلى أنّ تفسّخ الفأرة موجب لملاقاة ما في جوفها من البعرة للماء ، فيكون حكم التفسّخ مشتملا على ملاقاة البعرة مع زيادة اخرى ، فيتحقّق الأولوية بينه وبين وقوع البعرة ابتداء ؛ لأنّه أضعف حكما منه كما لا يخفى.
فإمّا أن يقال بوجوب نزح الجميع للتفسّخ لكونه أقوى من ملاقاة البعرة المقتضي له على ما أفهمه ظاهر كلام العلّامة ، أو يقال بالاكتفاء بالسبع للبعرة إذا وقعت ابتداء لكونها أضعف من صورة التفسّخ على ما هو الوجه في اعتبار الأولوية.
إلّا أنّه يرد على هذا الاحتمال عدم ظهور استلزام التفسّخ لملاقاة البعرة ،