فصل
[ فضل العلم في الكتاب ]
وأمّا الكتاب الكريم فقد اشير إلى ذلك في مواضع منه :
« الأوّل » : قوله تعالى في سورة العلق ـ وهي أوّل ما نزل على نبيّنا صلوات الله عليه وآله في قول أكثر المفسّرين ( اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ. خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ عَلَقٍ. اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ. الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ. عَلَّمَ الْإِنْسانَ ما لَمْ يَعْلَمْ ) (١).
حيث افتتح كلامه المجيد ، بذكر نعمة الإيجاد ، وأتبعه بذكر نعمة العلم ، فلو كان بعد نعمة الإيجاد نعمة أعلى من العلم لكانت أجدر بالذكر.
وقد قيل في وجه التناسب بين الآي ـ المذكورة في صدر هذه السورة ، المشتمل بعضها على خلق الإنسان من علق ، وبعضها على تعليمه ما لم يعلم ـ : إنّه تعالى ذكر أوّل حال الإنسان أعني كونه علقة ، وهي بمكان من الخساسة ، وآخر حاله وهو صيرورته عالما ، وذلك كمال الرفعة والجلالة.
فكأنّه سبحانه قال : كنت في أوّل أمرك ، في تلك المنزلة الدنيّة الخسيسة ، ثم صرت في آخره إلى هذه الدرجة الشريفة النفيسة.
__________________
(١) العلق (٩٦) : ١ ـ ٥.