٣
الحركة العلمية في عصر صاحب المعالم
إنّ المحقّق الكركي هو خرّيج مدرسة جبل عامل وقد حذا حذو الشهيد الأوّل في الهجرة إلى دمشق والقدس ومصر لينفتح على فقه المذاهب الأربعة. وقد أتحف المكتبة الفقهية الإمامية بموسوعته القيّمة ( جامع المقاصد ) وهي شرح استدلالي لقواعد العلّامة يمتاز بالتركيز والإيجاز ومتانة الاستدلال والاقتصار على قدر الضرورة من النقض والاستدلال. ويعدّ أحد المصادر التي لا يستغني عن مراجعتها الفقيه حين الاستنباط. وقد اشتهرت دقّة نظر هذا الفقيه حتّى وسم بـ ( المحقّق الثاني ).
والمحقّق الثاني ـ كما قلنا ـ هو أوّل فقيه عاملي استجاب لدعوة الصفويين فقدّم إلى أصفهان ومارس تطبيق نظرية ولاية الفقيه بشكل مىدانى واسع في الدولة الصفوية ثمّ غادر إيران إلى العراق ليعاود نشاطه الفقهي قرابة ستّ سنوات ثمّ طلب منه النظام الصفوي الرجوع إلى أصفهان فاستجاب ثانية ومارس عمله بصفة ( نائب الإمام عليهالسلام ). وهو أوّل فقيه إمامي تصدّى لشئون الولاية العامة من موقع السيادة الشرعية نيابة عن الإمام عليهالسلام.
وبهذا دخل الفقه والفقهاء ـ الذين استجابوا لدعوة المحقق الثاني ـ دور التطبيق الاجتماعي والسياسي بمستوى استلام زمام الحكم بصورة ملحوظة وأصبح من مسئولية الفقهاء الإجابة على كثير من الأسئلة التي كان يطرحها الولاة والقضاة وتناولها الفقهاء بالدرس والتأليف ويعدّ ذلك ثروة علمية فقهية مباركة.