وأمّا الشهيد الثاني فقد درس في معاهد جبل عامل ( جبع وميس وكرك نوح ) كما درس في دمشق ومصر وروى عن جماعة من علماء العامة كالعلّامة والشهيد اللذين انفتحا على فقه سائر المذاهب الإسلامية وأقام الشهيد الثاني بالقسطنطينية عام ٩٦٦ ه ودرّس في المذاهب الخمسة مدّة طويلة وهو أوّل من صنّف من الإمامية في دراية الحديث أكثر من كتاب كما أنّه بلغ غاية الكمال في الأدب والفقه والتفسير والحديث والمعقول والهيئة والحساب والهندسة ، وقد اعتنى بمؤلّفات الشهيد الأوّل بالغ الاعتناء وتبلورت آراؤه الفقهية ومنهجه العلمي بوضوح في كتبه الفقهية الشهيرة : روض الجنان في شرح إرشاد الأذهان والروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية للشهيد الأوّل ومسالك الأفهام في شرح شرائع الإسلام وغيرها كشروح الألفية والنفلية للشهيد. وقد كتب ثلاث رسائل عن صلاة الجمعة وآدابها والحثّ عليها.
والمتأمّل في آثار الشهيد لا يستطيع إنكار تأثّره بالفتوحات الفقهية التي حصلت للفقه الإمامي منذ دخوله دور التطبيق الاجتماعي والسياسي على مستوى إدارة شئون الدولة على يد فقهاء الإمامية كالمحقق الكركي ومن حذا حذوه بعد أن كان قابعا بين سطور الكتب ولم يستطع النمو إلّا على مستوى النظرية.
وقد انتقل تراث الشهيد الثاني ـ الذي اجتمعت فيه خصائص مدرسة الشهيد الأوّل وما حازته مدرسة أصفهان بعد هجرة علماء جبل عامل إليها ـ عن طريق تلامذته إلى ولده صاحب المعالم الذي تلقّى العلم من جملة من تلامذة والده كوالد الشيخ البهائي ووالد صاحب المدارك والسيد علي الصائغ الذي هو من أبرز تلامذة الشهيد الثاني وممّن أجاز المولى المقدّس الأردبيلي أيضا.
وأمّا المقدّس الأردبيلي ( م ٩٩٣ ه ) الذي تتلمذ عنده صاحب المعالم في