في المسالك وغيره من مصنّفاته إلى ما اختاره العلّامة رحمهالله (١).
لنا : الأصل ، وما تقدّم في صحيح محمّد بن إسماعيل بن بزيع الدالّ على عدم انفعال البئر بدون التغيّر ؛ حيث علّل فيه نفي الانفعال بوجود المادّة (٢) ، وقد تقدّم أنّ العلّة المنصوصة يتعدّى بها الحكم إلى كلّ موضع يوجد فيه إذا شهدت الحال بأنّ خصوص متعلّقها الأوّل لا مدخل له فيها.
والأمر هاهنا من ذلك القبيل ، فإنّ خصوصيّة البئر لا تصلح للتعليل ، وشهادة الحال بذلك ظاهرة لمن أحاط خبرا بأحكام البئر. وحينئذ ينحصر المقتضي لنفي الانفعال في وجود المادّة وهي موجودة في مطلق النابع فيثبت له الحكم ، وهو المطلوب.
حجّة القول الآخر : عموم ما دلّ على اشتراط الكرّيّة في عدم انفعال الماء بالملاقاة فإنّه متناول لمحلّ النزاع ، وقد تقدّم.
والجواب : ـ على تقدير تسليم العموم بحيث يتناول موضع النزاع ـ أنّه مخصوص بصحيح ابن بزيع لدلالته على أنّ وجود المادّة سبب في نفي انفعال الماء بالملاقاة ، فلو كانت الكرّيّة معتبرة في ذي المادّة لكانت هي السبب في عدم الانفعال فلا يبقى للتعليل بالمادّة معنى.
فرع :
الظاهر من كلام العلّامة أعلى الله مقامه أنّه يكتفى هنا ببلوغ مجموع الماء مقدار الكرّ وإن اختلفت سطوحه (٣). وقد مرّ في بحث الواقف أنّه يشترط في بعض
__________________
(١) مسالك الأفهام ١ : ١.
(٢) تهذيب الأحكام ١ : ٢٣٤ ، الحديث ٦٧٦.
(٣) منتهى المطلب ١ : ٣١.