إلى عدم انفعال القليل من الواقف بملاقاة النجاسة إذا ورد عليها مع حكمهم بالانفعال في عكسه.
فليس في الحكم بعدم الانفعال في الصورة المعيّنة التي هي مورد النصّ دلالة على عدم الانفعال مطلقا كما هو المدّعى.
والحاصل أنّ الخبر إنّما دلّ على عدم نجاسة ما يكفّ ـ أي يقطر ـ من السطح المنجّس إذا ورد الماء عليه ، وكان أكثر منه وعلى طهارة السطح حينئذ.
وهذا في التحقيق حكم من أحكام الجاري عند بعض الأصحاب وليس بمختصّ به عند آخرين ، والمدّعى مساواته للجاري مطلقا فهو إذن أخصّ من الدعوى.
وصحيح عليّ بن جعفر فيه إشعار بحصول الجريان وإن لم يكن من الميزاب.
والظاهر أنّ ذكر الميزاب في كلام الشيخ ليس على جهة التعيّن بل للمثال.
ورواية الكافي مرسلة ، مع أنّها في الدلالة قريبة من صحيح هشام بن سالم.
وأمّا الحجّة الثانية فلأنّ مقتضاها توقّف لحوق أحكام الجاري مطلقا على الجريان وهو لا ينافي ثبوت بعض أحكامه له وإن لم يجر.
فالحقّ : إنّ إثبات أحكام الجاري له على وجه العموم موقوف على الجريان ، وبدونه يقتصر منها على ما دلّ عليه النصّ الصحيح ، ويرجع فيما سوى ذلك إلى ما يقتضيه القواعد. وتنقيح المسألة حينئذ يتوقّف على ذكر فروع :
[ الفرع ] الأوّل :
إذا انقطع التقاطر صار واقفا وإن كان جاريا ، وذلك ممّا لا خلاف فيه ، وحكمه مع اختلاف السطوح كالواقف فيبنى عدم انفعاله بالملاقاة مع بلوغ مجموعه الكر أو اتّصاله بالكثير على الخلاف في اشتراط المساواة في مقدار الكرّ وعدمه. وقد سبق تحقيق ذلك.