أمّا الأوّل ؛ فلأنّا وإن تنزّلنا إلى القول بثبوت أحكام الجاري له مطلقا ، إلّا أنّك قد علمت أنّ المقتضي لطهارة الماء بمجرّد الاتّصال على القول به وهو كون الجزء الملاقي للكثير يطهر بملاقاته له ؛ عملا بعموم ما دلّ على كون الماء مطهّرا ، وبعد الحكم بطهارته يتّصل بالجزء الثاني وهو متّفق بالكثير الذي منه طهره فيطهر الجزء الثاني ، وهكذا.
ولا يذهب عليك أنّ هذا التوجيه لا يتوجّه هنا ؛ إذ أقصى ما يقال في القطرة الواقعة أنّها تطهّر ما تلاقيه. ولا ريب أنّ الانقطاع لا ينفكّ عن ملاقاتها وهي بعده في حكم القليل كما علمت فليس للجزء الذي طهر بها مقوّ حينئذ ليستعين به على تطهير ما يليه بل هو معها حين الانقطاع ماء قليل فيعود بها إلى الانفعال بملاقاة النجس.
وأمّا الثاني ؛ فقد مرّ الكلام فيه وبيّنا أنّه ليس له عموم. سلّمنا ولكن صدق التطهير يتوقّف على إصابة المطهّر للمحلّ النجس أو لأكثره. ومن المعلوم أنّ القطرة لا يتحقّق فيها ذلك. والتقريب الذي ذكر للكثير لا يتأتّى فيها ، كما قرّرناه.
نعم لو تكاثر تقاطره بحيث استوعب وجه الماء أو أكثره احتمل طهارته به عند من لم يشترط الجريان ، ولا الامتزاج.
[ الفرع ] الرابع :
إذا جرى في حال التقاطر فلا ريب في ثبوت أحكام الجاري له وتبنى طهارة الماء النجس غير المتغيّر مع اتّصاله به على الخلاف السابق في الاكتفاء بمجرّد الاتّصال أو التوقّف على الامتزاج.
فعلى الأوّل يطهر بوصوله إليه.
وعلى الثاني يتوقّف على التكاثر والتمازج كما مرّ تفصيله.