اعلم أنّ فضيلة العلم ، وارتفاع درجته ، وعلوّ رتبته أمر كفى انتظامه في سلك الضرورة مئونة الاهتمام ببيانه.
غير أنّا نذكر على سبيل التنبيه ، شيئا في هذا المعنى ، من جهة العقل والنقل ، كتابا وسنّة ، مقتصرين على ما يتأدّى به الغرض ؛ فإنّ الاستيفاء في ذلك يقتضي تجاوز الحدّ ، ويفضي إلى الخروج عمّا هو المقصد.
فأمّا الجهة العقلية : فهي أنّ المعقولات تنقسم إلى موجودة ومعدومة ، وظاهر أنّ الشرف للموجود ، ثم الموجود ينقسم إلى جماد ونام ، ولا ريب أنّ النامي أشرف ، ثم النامي ينقسم إلى حسّاس وغيره ، ولا شكّ أنّ الحسّاس أشرف ، ثمّ الحسّاس ينقسم إلى عاقل وغير عاقل ، ولا ريب أنّ العاقل أشرف ، ثمّ العاقل ينقسم إلى عالم وجاهل ، ولا شكّ أنّ العالم أشرف ، فالعالم حينئذ أشرف المعقولات.