الطيور والسباع يدلّ على ذلك ؛ لأنّها لا تنفكّ عنه عادة (١). وتبعه على المدّعى والدليل العلّامة في المنتهى (٢). ووافقهما على القول بالكراهة جماعة أيضا ، وله وجه.
وما ذهب إليه الشيخ لا نعرف له حجّة.
[ الفرع ] الثالث :
قال العلّامة أعلى الله مقامه في النهاية : لو تنجّس فم الهرّة بسبب كأكل فأرة وشبهه ، ثمّ ولغت في ماء قليل ونحن نتيقّن نجاسة فمها ، فالأقوى النجاسة ؛ لأنّه ماء قليل لاقى نجاسة ، والاحتراز يعسر عن مطلق الولوغ لا عن الولوغ بعد تيقّن نجاسة الفم.
ولو غابت عن العين ، واحتمل ولوغها في ماء كثير أو جار لم ينجس ؛ لأنّ الإناء معلوم الطهارة ، فلا يحكم بنجاسته بالشكّ (٣).
وهذا الكلام مشكل ؛ لأنّا إمّا أن نكتفي في طهر فمها بمجرّد زوال عين النجاسة ، أو نعتبر فيه ما يعتبر في تطهير المنجّسات من الطرق المعهودة شرعا.
فعلى الأوّل لا حاجة إلى اشتراط غيبتها ، وعلى الثاني ـ وهو الذي يظهر من كلامه الميل إليه ـ ينبغي أن لا يكتفى بمجرّد الاحتمال لا سيّما مع بعده ، بل يتوقّف الحكم بالطهارة على العلم بوجود سببها كغيره.
والظاهر أنّ الضرورة قاضية بعدم اعتبار ذلك شرعا ، وعموم الأخبار السابقة يدلّ على خلافه ؛ فإنّ إطلاق الحكم بطهارة سؤر الهرّ فيها من دون
__________________
(١) المعتبر ١ : ٩٨.
(٢) منتهى المطلب ١ : ١٦١.
(٣) نهاية الإحكام ١ : ٢٣٩.