مع رجحان المعارض يوجب الحمل على إرادة خلاف الظاهر مع إمكانه ، وإلّا فالاطراح وما تضمّنته هذه الرواية من نزح الكرّ وقع جوابا للسؤال عن مجموع الأمرين ، وعبارة الجواب متّحدة ، فكيف يمكن التأويل أو الردّ في بعضها وإبقاء البعض الآخر؟! مع أنّ اللازم من التأويل أن يكون المجيب أراد من اللفظ الواحد ظاهره ، بالنظر إلى بعض ما تضمّنه السؤال وخلاف ظاهره في البعض الآخر. وأيّ تعمية أقوى من هذه؟! فقد لزمه ما أنكره. ومقتضى الإطراح أن يكون السائل توهّم ما ليس بمراد ، ومعه كيف يبقى الوثوق في البعض الآخر؟
على أنّك قد علمت آنفا أنّه ردّ هذه الرواية بضعف السند. وما ذكره من الانجبار بالشهرة مشكل.
ولكنّ الأمر على ما اخترناه سهل إذ يكفي في إثبات الندبيّة هذا القدر.
مسألة [١١] :
وذهب كثير من الأصحاب كالمحقّق والعلّامة والشهيد إلى أنّ حكم البغل حكم الحمار في نزح الكرّ لموته(١).
واحتجّ له المحقّق برواية عمرو بن سعيد السابقة ، فإنّه حكاها في المعتبر هكذا : « سألته عمّا يقع في البئر حتى بلغت الحمار والجمل والبغل ، قال : « كرّ من ماء ».
ولم أقف على إدراج البغل في الرواية إلّا في هذا الكتاب ، وبعض تصانيف المتأخّرين ، وعندي أنّه اتّباع له. وقد رواها الشيخ في التهذيب (٢)
__________________
(١) راجع المعتبر ١ : ٦٠ ، ومنتهى المطلب ١ : ٧٤ ، والدروس الشرعية ١ : ١١٩.
(٢) تهذيب الأحكام ١ : ٢٣٥ ، الحديث رقم ٦٧٩ ، باب تطهير المياه من النجاسات.