الاشتراط بشيء مع كون الغالب فيه عدم الانفكاك من أمثال هذه الملاقاة دليل على عدم اعتبار أمر آخر غير ذهاب العين.
ولو فرضنا عدم دلالة الأخبار على العموم فلا ريب أنّ الحكم بتوقّف الطهارة في مثلها على التطهير المعهود شرعا منفيّ قطعا. والواسطة بين ذلك وبين زوال العين يتوقّف على الدليل ، ولا دليل.
وقد اكتفى في المنتهى بزوال العين عن فمها ، فقال ـ بعد أن ذكر كراهة سؤر آكل الجيف وبيّن وجهه ـ : « وهكذا سؤر الهرّة وإن أكلت الميتة وشربت ، قلّ الماء أو كثر غابت عن العين أو لم تغب ؛ لعموم الأحاديث المبيحة » (١). وحكى ما ذكره في النهاية عن بعض أهل الخلاف (٢).
وقال الشيخ في الخلاف : « إذا أكلت الهرّة فأرة ثمّ شربت من الإناء فلا بأس بالوضوء من سؤرها. وحكى عن بعض العامّة أنّه قال : إن شربت قبل أن تغيب عن العين لا يجوز الوضوء به. ثمّ قال الشيخ : والذي يدلّ على ما قلناه إجماع الفرقة على أنّ سؤر الهرّ طاهر ولم يفصّلوا » (٣).
وقال المحقّق : « إذا أكلت الهرّة ميتة ثمّ شربت لم ينجس الماء وإن قلّ ، سواء غابت أو لم تغب ، ذكره في المبسوط لعموم الأحاديث المبيحة سؤر الهرّ. منها : رواية زرارة عن أبي عبد الله عليهالسلام من كتاب علي عليهالسلام : « إنّ الهرّ سبع » (٤). وذكر الرواية وقد تقدّمت.
__________________
(١) منتهى المطلب ١ : ١٦١.
(٢) نهاية الإحكام ١ : ٢٣٥.
(٣) الخلاف ١ : ٢٠٣ ـ ٢٠٤.
(٤) المعتبر ١ : ٩٩ ، والرواية في الكافي ٣ : ٩ ، الحديث ٤.