وإذا كانت طهارة بدن الجنب من حيث هو ليست موضع خلاف ولا إشكال ، فلا بدّ في الحكم بتأثير ملاقاته بمجرّدها من نصّ صريح الدلالة بعيد عن احتمال خلافه. وظاهر أنّ الأمر هنا ليس كذلك ؛ فإنّ الأخبار المذكورة ليس فيها تعرّض لاشتراط الخلوّ عن النجاسة ، وإنّما هو من تقييدات الأصحاب.
وقد توقّف فيه العلّامة رضوان الله عليه في المنتهى فقال : هذا الحكم ـ يعني نزح السبع للجنب ـ إنّما يتعلّق مع الخلوّ عن النجاسة. كذا ذكره ابن إدريس بناء منه على أنّ المني يوجب نزح الجميع. ونحن لمّا لم يقم عندنا دلالة على وجوب النزح للمنيّ ، لا جرم توقّفنا في هذا الاشتراط (١). هذه عبارته.
ولا يخفى أنّ الغالب من حال المجنبين عدم الانفكاك من آثار المنيّ فجاز أن يكون الأمر بالنزح لأجله.
لا يقال : اعتبار الحيثيّة في موجبات النزح ـ كما قرّرتموه سابقا ـ ينافي كون المقتضي له في موضع النزاع هو ملاقاة المنيّ.
لأنّا نقول : لمّا غلب التلازم بين الأمرين ولم يكن تأثير النزول بمجرّده معهودا ولا مأنوسا ، والقواعد مستقرّة على خلافه صار الظاهر هو اعتبار الجهة الاخرى. وليس شيء ممّا ذكرناه بمتحقّق في المواضع التي اعتبرنا فيها الحيثيّة.
وكأنّ بناظر في هذا الكلام يستبعده من حيث إنّ الشيخ وجماعة ممّن تأخّر عنه ذهبوا إلى وجوب نزح الجميع للمنيّ فكيف يكتفى له بالسبع؟
ولكنّا نقرّبه له ـ باعتراف كثير من الأصحاب ـ بانتفاء النصّ فيه ، حتّى الشيخ أبي علي بن الشيخ فقد حكى ذلك عنه الشهيد رحمهالله (٢) وذكرناه عنه فيما سبق
__________________
(١) منتهى المطلب ١ : ٨٩ ، الطبعة المحقّقة لمجمع البحوث الإسلاميّة ـ مشهد.
(٢) ذكرى الشيعة : ١٠.