لم يزل عن المحل إلّا بحكم شرعيّ. فحكمه رحمهالله بزوالها عن المحلّ لزوالها حسّا ممنوع (١).
والمحقّق أجاب عن الاحتجاج بالآية أيضا فمنع دلالتها على موضع النزاع ؛ لأنّها دالّة على وجوب التطهير والبحث ليس فيه بل في كيفيّة الإزالة.
ثمّ اعترض : بأنّ الطهارة إزالة النجاسة كيف كان.
وأجاب : بأنّ هذا أوّل المسألة.
وأورد ثانيا : أنّ الغسل بغير الماء يزيل عين الدنس فيكون طهارة.
وأجاب : أوّلا بالمنع ؛ فإنّ النجاسة إذا مازجت المائع شاعت فيه فالباقي في الثوب منه تعلّق به حصّة من النجاسة. ولأنّ النجاسة ربّما سرت في الثوب فسدّت مسامّه فيمنع غير الماء من الولوج حيث هي ، وتبقى مرتبكة (٢) في محلّها.
ثمّ سلّم زوال عين النجاسة ثانيا وقال : لكن لا نسلّم زوال نجاسة يخلفها ؛ فإنّ المائع بملاقاة النجاسة يصير عين نجاسة فالبلّة المتخلّفة منه في الثوب بعض المنفصل النجس فيكون نجسا.
أو نقول : للنجاسة الرطبة أثر في تعدّي حكمها إلى المحلّ. كما أنّ النجاسة عند ملاقاة المائع تتعدّى نجاستها إليه فعند وقوع النجاسة الرطبة تعود أجزاء الثوب الملاقية لها نجسة شرعا ، وتلك العين المنفعلة لا تزول بالغسل.
وأمّا الوجه الثالث فجوابهم عنه : أوّلا أنّ الغسل حقيقة في استعمال الماء. وهم بين مطلق للفظ الحقيقة ، ومقيّد لها بالشرعيّة.
والمطلقون احتجّوا لما قالوه بسبقه إلى الذهن عند الإطلاق كما يسبق عند
__________________
(١) مختلف الشيعة ١ : ٢٢٥ و ٢٢٦.
(٢) في « ج » : ويبقى مرتكبه في محلّها.