وقال آخر : التواضع للمبتدع أولى ، لاستجلابه (١) ، وأدخل في قمع بدعته.
والعجب : استعظام العبد عبادته. وهذا معصية ، وما قدر العبادة بالنسبة إلى أقل نعمة من نعم الله تعالى؟؟ وكذا استعظام العالم علمه ، وكل مطيع طاعته ، حتى ينسب بذلك إلى التكبر.
والفرق بينه وبين الرياء : أن الرياء مقارن للعبادة ، والعجب متأخر عنها ، فتفسد بالرياء ، لا بالعجب (٢).
ومن حق العابد والورع أن يستقل فعله بالنسبة إلى عظمة الله تعالى ، قال الله تعالى (وَما قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ) (٣) ، ويتهم نفسه في عمله ، ويرى عليه الشكر في التوفيق له ، قال الله تعالى (وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ ما آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ) (٤).
وأما التسميع المنهي عنه في قول النبي صلىاللهعليهوآله : (من تسمع تسمع الله به يوم القيامة) (٥) فهو من لوازم العجب ، إذ هو التحدث بالعبادة والطاعة والكمال ليعظم في أعين الناس. فأول ما يحصل في نفسه العجب ، ويتبعه التسميع.
__________________
(١) في (أ) و (م) : في استجلابه.
(٢) انظر : القرافي ـ الفروق : ٤ ـ ٢٢٧.
(٣) الأنعام : ٩١.
(٤) المؤمنون : ٦٠.
(٥) أورده القرافي في ـ الفروق : ٤ ـ ٢٢٨ ، بلفظ : (من سمّع سمع الله به يوم القيامة) ورواه مسلم بلفظ : (من سمّع سمّع الله به) وفي رواية : (من يسمع يسمع الله به). انظر : صحيح مسلم : ٤ ـ ٢٢٨٩ ، باب ٥ من كتاب الزهد ، حديث : ٤٧ ، ٤٨.