والإعراض ، بالإثبات ، وإلى غيرها من الأحوال ، بالنفي. والأحوال أمور خارجة عن المدلول المطابقي ، مع أنها عارضة غير لازمة ، فإذا أثرت النية في العوارض ، ففي اللوازم بطريق الأولى.
ولقوله تعالى (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ) (١) ، والمدلول المطابقي هنا متعذر ، لأن التحريم لا يتعلق بالأعيان ، إنما يتعلق بالأفعال المتعلقة بها ، وهي الأكل والانتفاع بالجلد ونحوه ، فقد قصد بالتحريم من غير لفظ يدل على ذلك ، بل لأدلة خارجة. فإن كانت هذه الأفعال لازمة ، فالمطلوب ، وإن كانت عارضة ، فبطريق الأولى ، لأن تصرّف النية في اللازم أقوى من تصرفها في العارض ، لأن اللازم يفهم من الملزوم ، بخلاف العارض.
ومنه : قوله صلىاللهعليهوآله في الحديث القدسي : (ما ترددت في شيء أنا فاعله كترددي في قبض روح عبدي المؤمن يكره الموت وأكره مساءته ، ولا يكون إلا ما أريد) (٢) فإن التردد على الله تعالى محال ، غير أنه لما جرت العادة أن يتردد من يعظم الشخص ويكرمه (٣) في مساءته ، نحو الولد (٤) والصديق ، وأن لا يتردد في
__________________
(١) المائدة : ٣.
(٢) أورده بهذا النص القرافي في ـ الفروق : ٣ ـ ٦٩. ورواه الطبرسي في ـ مكارم الأخلاق : ٢٩٨ بلفظ : (... وأنا أكره ...). والبخاري بلفظ : (ما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن نفس المؤمن يكره الموت وأنا أكره مساءته). صحيح البخاري : ٤ ـ ١٢٩ ، كتاب الرقاق من باب التواضع. وأحمد في مسنده : ٦ ـ ٢٥٦ ، عن عائشة بلفظ آخر.
(٣) في (أ) و (ح) : ويكره. والظاهر أن الصواب ما أثبتناه.
(٤) في (ح) : الوالد.