رأيت قبل خروجي من الكوفة بيوم على ظهر الكوفة ، وفيه من الناس ما لم تر عيناي في صعيد جمعا اكثر منه فسألت عنهم فقيل اجتمعوا ليعرضوا ثم يسرحوا الى حرب الحسين (١) وقد زج بجميع ثقله العسكري في الحرب خوفا من الطوارئ وتقلب الأوضاع.
وأمر الطاغية بجمع الناس في رحاب المسجد الأعظم فهرعوا كالأغنام خوفا من الطاغية ورهبة منه وقد امتلأ الجامع منهم فقام فيهم خطيبا فقال :
«أيها الناس : إنكم بلوتم آل أبي سفيان فوجدتموهم كما تحبون وهذا امير المؤمنين يزيد قد عرفتموه حسن السيرة محمود الطريقة محسنا إلى الرعية ، يعطي العطاء في حقه ، وقد امنت السبل على عهده ، وكذلك كان ابوه معاوية في عصره ، وهذا ابنه يزيد يكرم العباد ويغنيهم بالأموال وقد زادكم في ارزاقكم مائة مائة ، وامرني أن اوفرها عليكم ، واخرجكم إلى حرب عدوه الحسين فاسمعوا له وأطيعوا» (٢) لقد خاطبهم باللغة التي يخضعون لها ، فمناهم بالأموال ، وزجهم لاقتراف افظع جريمة في تأريخ الانسانية.
وأوعز إلى كل من الحصين بن نمير التميمي وحجار بن ابجر وشمر ابن ذي الجوشن بالخروج إلى حرب الامام بعد أن اسند لكل واحد منهم القيادة على بعض الوحدات العسكرية فزحفوا بمن معهم الى كربلا لمساعدة ابن سعد.
__________________
(١) الطبري ٦ / ٢٣٠
(٢) الأخبار الطوال (ص ٢٥٣)