هذا الرجز ، وهو يمثل أهداف الأكثرية الساحقة في ذلك الجيش السحيق وحلل الدكتور يوسف خليف هذا الرجز بقوله :
«والعاطفة التي تشيع في هذا الرجز ـ مع الأسف ـ عاطفة الفرح والزهو ، فراح القاتل بهذه الهوية الغالية التي يحملها إلى الأمير ، وزهوه بهذا العمل الضخم الذي قام به من أجل الدولة ، وهو لهذا يشعر بأن أقل ما يمكن أن يكافئه الأمير به أن يوقر ركابه فضة وذهبا ، وهو ـ لهذا أيضا ـ يضفي على قتيله خير ما يمكن أن يضفيه انسان على انسان ، وقد جعله هذا يشعر بشيء من الدالة على الأمير يبيح أن يجعل حديثه عن هذه الجائزة حديث الآمر الذي لا يقبل ردا ولا رفضا ، وهو ـ من أجل هذا ـ يبدأ رجزه لا بالحديث عن الحادثة التي تعني الأمير وانما بالحديث عن الجائزة التي تعنيه هو ، كأنما لا يعنيه من الأمر الا ما سوف يناله من ذهب وفضة» (١).
وبادرت القبائل الى حز رءوس أولئك الأحرار الذين استشهدوا من أجل العدالة الاجتماعية ، ومن أجل تحرير الانسان من الظلم والطغيان.
ولم يقر الاسلام في جميع حروبه التمثيل الا ان الجيش الأموي قد استباح ذلك ، فان معاوية قد سنّه واباحه ، فقد أمر برأس الشهيد العظيم عمرو بن الحمق الخزاعي أن يطاف به ، وقد اقتدى به ابن مرجانة فبعث برأس مسلم وهانئ إلى يزيد ثم عهد الى ابن سعد أن يحز رءوس الشهداء في واقعة كربلا ليبعثها هدية إلى يزيد ، وقد تهافتت تلك العصابة المجرمة
__________________
(١) حياة الشعر في الكوفة (ص ٣٧٣ ـ ٣٧٤)