وبرز إلى حومة الحرب يحيى بن سليم المازني ، وهو يرتجز :
لأضربن القوم ضربا فيصلا |
|
ضربا شديدا في العداة معجلا |
لا عاجزا فيها ولا مولولا |
|
ولا اخاف اليوم موتا مقبلا |
لكنني كالليث أحمي مشبلا
واعلن بهذا الرجز عن شجاعته فهو سينزل بالأعداء الضربات القاسية وانه سيحاربهم ببسالة وصمود لا عاجزا ، ولا مولولا ، ولا خائفا من الموت ، وانما هو كالليث يصول فيهم ليحمي عترة رسول اللّه ، وشد عليهم كأنه جيش ، وقاتلهم أعنف القتال واشده حتى استشهد بين يدي أبي عبد اللّه (١).
وكان الامام يبعث في نفوس اصحابه روح العزم والصمود ، ويوصيهم بالصبر على ملاقاة الأهوال قائلا لهم :
«صبرا بني الكرام فما الموت الا قنطرة تعبر بكم عن البؤس والضراء الى الجنان الواسعة ، والنعم الدائمة ، فأيكم يكره أن ينتقل من سجن إلى قصر ، ان أبي حدثني عن رسول اللّه (ص) انه قال : ان الدنيا سجن المؤمن ، وجنة الكافر ، والموت جسر هؤلاء إلى جنانهم ، وجسر هؤلاء الى جحيمهم. ما كذبت ، ولا كذبت» (٢).
وقد الهبت هذه الكلمات عواطفهم فخاضوا الموت في استبسال عاصف ليصلوا الى مراتبهم في الفردوس الأعلى.
__________________
(١) الفتوح ٥ / ١٩٤
(٢) مقتل الحسين لعبد اللّه نور اللّه