لقد جئتم بها خرقاء شوهاء كطلاع الأرض ، وملء السماء ، افعجبتم ان مطرت السماء دما ولعذاب الآخرة أخزى ، وهم لا ينصرون فلا يستخفنكم المهل فانه لا يحفزه البدار ، ولا يخاف فوت الثار وان ربكم لبالمرصاد ...» (١).
لقد قرعتهم بطلة كربلا ، بمنطق الصدق وصوت الحق ، ودلتهم على نفوسهم الخبيثة ، فلم تنخدع بدموعهم الكاذبة ، ولم ينطل عليها زورهم وبهتانهم ، ونعت عليهم جريمتهم النكراء التي هي أبشع جريمة وقعت في الأرض .. وقد وصفتهم بأخس الصفات التي توصف بها احط الشعوب فقد وصفتهم بالختل والغدر ، وهما مصدران لانحطاط الانسان وشقائه.
وعلقت سلام اللّه عليها على بكائهم فقالت : ان من حقهم أن يبكوا كثيرا ويضحكوا قليلا على عظيم ما اقترفوه من الأثم ، فقد قتلوا سيد شباب أهل الجنة وسليل خاتم النبوة ، والمنقذ والمحرر لهم ، وفروا كبد رسول اللّه (ص) وانتهكوا حرمته ، وسبوا عياله ، فأي جريمة أبشع أو افظع من هذه الجريمة؟
واضطرب الناس من خطاب سليلة النبوة وايقنوا بالهلاك ، وقد وصف خزيمة الأسدي مدى الأثر البالغ الذي أحدثه خطاب العقيلة يقول :
لم أر واللّه خفرة انطق منها كأنما تفرغ عن لسان الامام امير المؤمنين ورأيت الناس بعد خطابها حيارى واضعي أيديهم على افواههم ، ورأيت
__________________
(١) مقتل الحسين للمقرم (ص ٣٨٧) نور الابصار للشبلنجيّ (ص ١٦٧).