أخبر بذلك حينما يئس من الحياة ، وقد علموا أنه لا يعيش بعد ذلك فقال لهم : اسقوني قطرة من الماء فقد تفتت كبدي ، واللسان مجروح من شدة اللوك ـ كما في الحديث ـ والعين مظلمة من العطش» (١)
خامسا ـ فقده للأحبة ، من أهل بيته وأصحابه ، فكان ينظر إلى خيمهم فيراها خالية فجعل يصعد آهاته واحزانه ، ويندبهم بأقسى ندبة.
ان النفس لتذوب حسرات من هذه الخطوب التي ألمت بابن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم ، يقول صفي الدين : «وقد لاقى الحسين من المحن والبلايا ما لا يستطيع مسلم أن يسمعه إلا ويذوب فؤاده» (٢).
والقى الامام الممتحن نظرة مشفوعة بالأسى والحسرات على أهل بيته وأصحابه فرآهم مجزرين كالاضاحي على رمال كربلا تصهرهم الشمس ، وسمع عياله وقد ارتفعت اصواتهن بالبكاء فأخذ يستغيث ويطلب الناصر والمعين ليحامي عن حرم رسول اللّه (ص) قائلا :
«هل من ذاب يذب عن حرم رسول اللّه (ص)؟ هل من موحد يخاف اللّه فينا؟ هل من مغيث يرجو اللّه في اغاثتنا؟» (٣).
ولم تنفذ هذه الاستغاثة إلى تلك القلوب التي ران عليها الباطل وغرقت في الآثام ... ولما سمع زين العابدين استغاثة أبيه وثب من فراشه ،
__________________
(١) خصائص الحسين (ص ٦٠)
(٢) وسيلة المال في مناقب الآل
(٣) درر الافكار في وصف الصفوة الأخبار (ص ٣٨) لأبي الفتح ابن صدقة.