«يا قوم : اني اخاف عليكم مثل يوم الاحزاب مثل دأب قوم نوح وعاد وثمود والذين من بعدهم ، وما اللّه يريد ظلما للعباد ، يا قوم إني اخاف عليكم يوم التناد يوم تولون مدبرين مالكم من اللّه من عاصم ، ومن يضلل اللّه فماله من هاد .. يا قوم لا تقتلوا حسينا فيسحتكم اللّه بعذاب وقد خاب من افترى».
ولم يع أولئك الاوغاد كلامه وانما راحوا سادرين في طيشهم وضلالهم قد ختم اللّه على قلوبهم واسماعهم فهم لا يبصرون ، وشكر له الامام مقالته ، وقال له :
«رحمك اللّه انهم قد استوجبوا العذاب حين ردوا عليك ما دعوتهم إليه من الحق ، ونهضوا إليك ليستبيحوك وأصحابك ، فكيف بهم الآن وقد قتلوا اخوانك الصالحين؟».
«صدقت يا ابن رسول اللّه ، أفلا نروح الى الآخرة؟»
واذن له الامام فانطلق الى ساحة المعركة بشوق ليفوز بالشهادة ، وقاتل قتال الأبطال حتى استشهد (١) وقد وفى بما عاهد عليه اللّه من نصرة الحق والفداء في سبيل الاسلام.
ومن بين صفحات الفداء الباهرة التي تحمل العظمة الانسانية الحجاج ابن مسروق الجعفي ، فقد برز إلى ساحة الحرب ، وجعل يقاتل اعنف القتال وأشده حتى خضب بدمائه الزكية ، فقفل راجعا الى الامام الحسين وهو جذلان مسرور بما قدمه من الفداء والتضحية في سبيله ، وأخذ
__________________
(١) تأريخ الطبري ٦ / ٢٥٤