عنده ذلة الباطل وعزة الحق وعدم الاكتراث والمبالات بالقرة والسلطة ، والهيبة والرهبة ، أرادت أن تعرفه خسة قدره ، وضعة مقداره وشناعة فعله ، ولؤم فرعه واصله» (١).
ويقول المرحوم الفكيكي :
«تأمل معي في هذه الخطبة النارية كيف جمعت بين فنون البلاغة ، وأساليب الفصاحة ، وبراعة البيان ، وبين معاني الحماسة وقوة الاحتجاج وحجة المعارضة والدفاع في سبيل الحرية والحق والعقيدة بصراحة هي انفذ من السيوف الى أعماق القلوب ، واحد من وقع الأسنة في الحشا والمهج في مواطن القتال ، ومجالات النزال ، وكان الوثوب على أنياب الأفاعي وركوب اطراف الرماح أهون على يزيد من سماع هذا الاحتجاج الصارخ الذي صرخت به ربيبة المجد والشرف في وجوه طواغيت بني أمية وفراعنتهم في منازل عزهم ومجالس دولتهم الهرقلية الارستقراطية الكريهة.
ثم ان هذه الخطبة التأريخية القاصعة لا تزال تنطق ببطولات الحوراء الخالدة وجرأتها النادرة ، وقد احتوت النفس القوية الحساسة الشاعرة بالمثالية الاخلاقية الرفيعة السامية ، وسيبقى هذا الأدب الحي صارخا في وجوه الطغاة الظالمين على مدى الدهر وتعاقب الأجيال وفي كل ذكرى لواقعة الطف الدامية المفجعة» (٢).
وكان هذا الخطاب العظيم امتدادا لثورة كربلا وتجسيدا رائعا لقيمها الكريمة وأهدافها السامية وقد حفل بما يلي :
__________________
(١) السياسة الحسينية (ص ٣٠)
(٢) مجلة الغري السنة السابعة العدد ٦