ولما وضع رأس ريحانة رسول اللّه (ص) بين يدي الدعي ابن الدعي أخذ يعبث بثناياه ساعة من الزمن ، وهو يجد في ذلك لذة لا تعد لها لذة ، وبدا على وجهه آثار الحقد الدفين والتشفي الآثم ، فأخذ يضرب بعوده ثنايا الامام وشفتيه التي طالما كان رسول اللّه (ص) يوسعهما تقبيلا يقول القيم بن محمد : ما رأيت منظرا قط افظع من القاء رأس الحسين بين يدي ابن مرجانة وهو ينكثه (١) وكان في مجلسه الصحابي زيد بن ارقم فلما رأى صنعه انهارت قواه وصاح به.
«اعل بهذا القضيب عن هاتين الشفتين ، فو الذي لا إله الا هو لقد رأيت شفتي رسول اللّه على هاتين الشفتين يقبلهما».
وانفجر زيد باكيا وراح ابن زياد يهزأ من الصحابي قائلا :
«ابكى اللّه عينيك ، لو لا انك شيخ قد خرفت وذهب عقلك لضربت عنقك»
فاندفع الصحابي قائلا :
«الا احدثك حديثا هو اغلظ من هذا ، رأيت رسول اللّه (ص) أقعد حسنا على فخذه اليمنى ، وحسينا على فخذه اليسرى ، ووضع يديه على يافوخيهما ، وقال : اللهم اني استودعك اياهما وصالح المؤمنين ، فكيف كانت وديعة رسول اللّه (ص) عندك يا ابن زياد؟»
وخرج زيد غير حافل ببطش ابن مرجانة ، وهو يخاطب اهل الكوفة قائلا :
«أنتم يا معشر العرب العبيد بعد اليوم ، قتلتم ابن فاطمة ، وامرتم
__________________
(١) أمالي الشيخ الطوسي ١ / ١٦١ مخطوط