شيخا قد دنا منها يبكي حتى اخضلت لحيته وهو يقول : بأبي أنتم وأمي كهولكم خير الكهول وشبابكم خير الشباب ونسلكم لا يبور ولا يخزى أبدا (١) الا ان الامام زين العابدين قطع على عمته خطابها قائلا :
«اسكني يا عمة ، فأنت بحمد اللّه عالمة غير معلمة ، وفهمة غير مفهمة ..» (٢).
فأمسكت عن الكلام ، وتركت المجتمع يمور بالأسى والحزن.
وانبرت الى الخطابة فاطمة بنت الامام الحسين (ع) فخطبت ابلغ خطاب واروعه ، وكانت طفلة ، فبهر الناس ببلاغتها وفصاحتها وقد أخذت بمجامع القلوب وتركت الناس حيارى قد بلغ بهم الحزن إلى قرار سحيق فقالت :
«الحمد للّه عدد الرمل والحصى ، وزنة العرش الى الثرى ، أحمده وأومن به ، وأتوكل عليه ، واشهد أن لا إله الا اللّه وحده لا شريك له وان محمدا عبده ورسوله .. وان اولاده ذبحوا بشط الفرات ، من غير ذحل ولا تراث.
اللهم إني أعوذ بك أن افتري عليك ، وان اقول عليك خلاف ما أنزلت من اخذ العهود والوصية لعلي بن أبي طالب ، المغلوب حقه ، المقتول من غير ذنب ـ كما قتل ولده بالأمس ـ في بيت من بيوت اللّه تعالى ، فيه معشر مسلمة بألسنتهم ، تعسا لرؤوسهم ، ما دفعت عنه ضيما
__________________
(١) نور الابصار (ص ١٧٦) الدر النظيم (ص ١٧٢)
(٢) احتجاج الطبرسي